جهاز التّعليم العربي البدوي في النّقب – واقع واحتياجات
لم يتعامل نظام التّعليم الإسرائيلي مع المجتمع العربي البدوي في النّقب على أنه جزء بنيوي من المجتمع الإسرائيلي، وبالتّالي كانت خدمات التّعليم المقدمة له قليلة. إن الإمكانات الكامنة في التّعليم والتّربيّة كوسيلة لتطوير المجتمع العربيّ البدوي، والتّكيّف مع عمليّة التّحديث والاندماج في سوق العمل الإسرائيلي لم يتم تطويرها بشكل كافٍ وملائم للقرن الحادي والعشرين. يبلغ تعداد المجتمع العربي البدوي في النّقب حوالَيْ 280 ألف نسمة، الذين يعيشون في تسع بلدات أقامتها الدّولة وفي عدّد من القرى مسلوبة الاعتراف - تتميز جميعها بوضع اجتماعي واقتصادي متدني للغاية، ومستوى متدنٍ من التّنمية، ونقصٍ كبير في البنى التّحتية الأساسيّة، مستوى متدن من الخدمات، فقر وبطالة مرتفعة.
نظام التّعليم العربي - البدوي في النّقب في ضوء الأرقام:
في العام الدّراسي (2020-21)، بلغ عدد الطّلاب (رياض أطفال – الصّفوف الثّانية عشرة) في جهاز التّعليم البدوي في النقب 101،239 طالب وطالبة في 703 روضة أطفال، و 108 مدرسة ابتدائية تشمل التّربية الخاصة، و 44 مدرسة فوق الابتدائيّة. حوالي 30٪ من الطّلاب يدرسون في مؤسسات تعليميّة في المجالس الإقليمية في ""نفيه مدبار"" والقسوم التي تقدم الخدمات لسكان القرى مسلوبة الاعتراف في النّقب. يشكل عدّد الطّلاب العرب البدو في النّقب حوالي 30٪ من الطّلاب في لواء الجنوب. تجدر الإشارة إلى أنّ هناك 185 مركزًا لاستكمال التّعليم الثّانوي والحصول على شهادة الثّانوية العامة في البلدات اليهوديّة في لواء الجنوب، ولا توجد مثل هذه المراكز في البلدات البدويّة في النقب، على الرّغم من الحاجة الملحة لها (وزارة التّربية والتّعليم، https://shkifut.education.gov.il/city/11619).
واقع واحتياجات نظام التّعليم العربي - البدوي في النّقب:
• الاستثمار في التّعليم البدوي في النّقب، من قبل وزارة التّربيّة والتّعليم والسّلطات المحليّة ضئيل للغاية، والوضع الاقتصادي هش، ومستوى التّعليم منخفض للغاية. تنعكس هذه الفجوات في جودة نظام التّعليم الذي يتسم بمعدلات تسرّب مرتفعة وتحصيل دراسي منخفض.
• إنجازات الطّلاب البدو في النّقب في امتحانات ""ميتساف"" أقل بكثير من إنجازات الطّلاب في التّعليم العبري، وكذلك من إنجازات التّعليم العربي. وكذلك نسبة الاستحقاق لشهادات البجروت من أبناء ال 17 في المجتمع العربي – البدوي في النّقب منخفضة نسبيًا، مع 36.8% مقابل 51.4% في المجتمع العربي و 68.1% في المجتمع اليهودي في العام 2018.
• معدلات التّسرب في المجتمع البدوي في النّقب هي الأعلى في البلاد على مر السّنين، إذ وصلت نسبة التّسرب حتى سن 17 في عام 2017 إلى 31٪ مقابل 12٪ في المجتمع العربي و 7٪ في المجتمع اليهودي.
• معدلات التّسرب المرتفعة والتّحصيل المنخفض يعيق من فرص دخول الشّباب البدوي إلى مؤسسات التّعليم العالي. على سبيل المثال: يُظهر الجدول 1 العدّد المتدني للخريجين البدو في الأعوام 2017-2019 من الكليات المختلفة في جامعة بن غوريون في النّقب. الأرقام خير دليل على هذا الواقع.
الجدول 1: عدد الخريجين العرب - البدو من جامعة بن غوريون في النّقب
في الأعوام 2017-2019
كلية | ||||||
عام | علوم إنسانيّة واجتماعيّة | علوم الصّحة | علوم الهندسة | علوم الطّبيعة | إدارة | المجموع الكلي |
2017 | 69 | 14 | 1 | 2 | 2 | 88 |
2018 | 76 | 24 | 1 | 8 | 3 | 112 |
2019 | 61 | 20 | 1 | 3 | 1 | 86 |
مكانة المعلمين في المدارس البدويّة في النّقب خاصة. تمثل المدارس المؤسسات التي تحاول غرس القيم الغربيّة في مجتمع تقليدي ومحافظ بشكل أساسي. في المقابل، فإن التّركيز على المنافسة في التّحصيل هو تغيير جوهري في نمط حياة البدو التّقليدية.
تجنيد الكوادر التّربوية في نظام التّعليم العربي بشكل عام والبدوي في النّقب بشكل خاص تحدّده بشكل أساسي اعتبارات سياسيّة. مسألة توظيف المعلمين والمديرون والمفتشين في نهاية المطاف بأيدي وزارة التّربية والتّعليم، التي تقرّر من هو المؤهل للانخراط في التّدريس دون استشارة نظام التّعليم العربي المحلي. علاوة على ذلك، فإنّ الشّهادات والتّدريب بحد ذاتهم لا تكفي لتلقي منصب تدريسي للمواطنين العرب في إسرائيل. فقبل تعيينهم في نظام التّعليم، يتعين عليهم الخضوع - دون علمهم، بالمناسبة - لتصنيف أمني، والحصول على ختم سري من جهاز الأمن العام.
العلاقة بين المدرسة والمجتمع البدوي هي ضعيفة للغاية. الأهل والمجتمع يتعاملون مع المدارس بلا مبالاة. معظم الأهالي لا يزورون المدارس ولا يكترثون بما يجري فيها. كلا الطّرفين يلومان بعضهما البعض على الخلّل في أداء المدرسة. من جهة، يتهم الأهالي المعلمين بالإهمال في أداء عملهم، مما يتسبب في فشل الطّلاب وتسربهم من الجهاز التّعليمي. من الجهة الأخرى، يدعي المعلمون بأنّ عدم تعاون الأهالي هو ما يؤدي إلى الفشل.
ميزانيات التّعليم هزيلة للغاية وبعيدة عن تلبيّة احتياجات نظام التّعليم البدوي في النّقب. على سبيل المثال: يتمتع الطّالب اليهودي بميزانيّة سنويّة تزيد بنسبة 24٪ عن الميزانيّة التي يتلقاها الطّالب العربي. تجدر الإشارة إلى أنّ مراقب الدّولة قد نوَه في عدّد من التّقارير في العقد الماضي بما في ذلك التّقرير الأخير الصّادر في آب\ أغسطس 2021 بشأن مشاكل جدية تتعلق بالموازنة التي يعاني منها البدو في النّقب. على الرّغم من ميزانيّة الحكومة البالغة مليارات الشّواقل في الخطّط الخمسيّة، والتي تهدف إلى تقليص الفجوات بين القطاعات المختلفة وتخصيص ميزانيات جاريّة للسلطات المحليّة البدوية في النّقب، بقيت الفجوات بين البلدات البدوية وغيرها من البلدات في النّقب كبيرة.
هناك نقص كبير ومستمر في الصّفوف التّعليمية في جهاز التّعليم البدوي في النّقب، ما يؤدي إلى كثافة كبيرة فيها. على سبيل المثال: في 2014-2015 بلغ متوسط عدّد الطّلاب في الصّف لجميع الفئات العمريّة في المدارس البدوية 31.49 مقابل 27.79 في جهاز التّعليم العبري، كما بلغ متوسط عدّد الطّلاب في المدارس البدوية في النّقب 665، مقارنة ب 372 مترًا مربعًا في جميع المدارس في البلاد، بينما تبلغ المساحة المتوسطة للطالب البدوي في النّقب 1.71 مترًا مربعًا مقابل 4.26 مترًا مربعًا في مدرسة يهوديّة في إسرائيل و3.91 مترًا مربعًا في مدرسة يهوديّة في النّقب.
هناك أيضًا نقص في المعلمين المؤهلين في جميع مستويات التّعليم، وخاصة في المدارس الثّانوية. إنّ مستوى الأداء المهني للمعلمين العرب - البدو أقل من مستوى المعلمين في جهازي التّعليم العربي والعبري عمومًا.
هذه المشاكل في نظام التّعليم تجعل من الصّعب على المجتمع العربي - البدوي في النّقب الاندماج في سوق العمل الإسرائيلي، ويجب العمل على إيجاد الحلول قبل اتساع الفجوات أكثر. هنا، يمكن ويجب أن يكون التّعليم العالي بمثابة رافعة لتقدم وتمكين المجتمع العربي - البدوي في النّقب. تجدّر الإشارة إلى أنّ الدّولة بذلت جهودًا في العقد الأخير لزيادة عدّد الطلاب البدو في مؤسسات التّعليم العالي، لكن لا تزال نسبة الطّلاب الذين يدرسون في الجامعات والكليات الأكاديمية منخفضة مقارنة بالمجتمع العربي واليهودي. هناك حاجة إلى التّوجيه الأكاديمي للشباب البدوي منذ مرحلة اختيار مواد التّخصص في المدرسة الثّانويّة وحتى مراحل القبول في مؤسسات التّعليم العالي، ومن ثم الدّخول إلى سوق العمل.
وبكلمات مراقب الدّولة في تقريره من آب/ أغسطس 2021: "إنّ وضع [العرب – البدو في النّقب] اليوم على أنهم أفقر شريحة في إسرائيل، يفرض على الحكومة الإسرائيليّة مسؤوليّة العمل من أجل تمكينهم من الخروج من وضعهم وتقديم، وخاصة لجيل الشباب الأدوات اللازمة والبنى التّحتية المادية لمواجهة تحديات المستقبل بنجاح."