جسر التعاون ما بين الأهل والمدرسة
نقف جميعا على أعتاب سنة دراسيّة جديدة، أهالي الطلاب وطاقم التّدريس. تجتاحنا، دون أدنى شكّ، مشاعر مختلطة، كلّ من موقعه. بعضنا يحزن لنهاية عطلة طويلة حصل الجميع فيها على قسط من الراحة، وبعضنا فرح لعودة وللقاء متجدّد بين الطّلّاب والمؤسّسات التربويّة. ستباشر هذه المؤسّسات في استلام ومتابعة مهامّها التعليميّة والتربويّة تجاه الطلّاب، كما هو متوقع. عادة يتبادر إلى أذهاننا جميعًا ونتساءل حول تقسيم الأدوار بين الأهالي والمعلّمين، فهذا الأمر لا يتمّ إلّا عن طريق معرفة وإدراك كلّ الأطراف، لأهميّة أدوارهم التربويّة وما يقتضيه ذلك من عمل جادّ ومسؤول، وبخاصّة البالغون المسؤولون، لدفع ورفع هذه العلاقة نحو وضعيّة شراكة ترتكز على أسس صحّيّة وفعّالة، إذ انّه عندما يتعلّق الأمر بتربية الأولاد ونموّهم، فإنّنا لا نستطيع أن ننظر إلى المدرسة والبيت كوحدتين منفصلتين، بل ننظر نحو جسر التّعاون المبني بينهما ونعزّز أسسه.
تؤكّد الدراسات على أنّ مشاركة الأهالي في العمليّة التعليميّة والتربويّة من شأنها أن تساعد في التحصيل التعليميّ للطالب، تحسّن المهارات الفكريّة والدافعيّة للتعلّم، تحسّن صورة الذات، وتؤدّي إلى انخفاض كبير في المشاكل الأخلاقيّة والسلوكيّة. مع هذا، فمن الممكن أن تواجه هذه العلاقة تحدّيات وصعوبات موضوعيّة وشخصيّة، وهذا أمر طبيعيّ، له أسباب كثيرة، منها أنّ طرق ووسائل المتابعة تتغيّر وتختلف وفقًا للمرحلة العمريّة والتعليميّة للتلميذ، من حيث طريقة التّواصل بين الوالدين والمدرسة وكذلك هدفها وأهميّتها. كذلك، فإنّ احتياجات التلميذ وما يواجهه من مشاكل تعليميّة وشخصيّة تختلف أيضًا حسب هذه المراحل، حتّى إنّه في بعض الأحيان قد تصل العلاقة بين الأهل والمدرسة إلى نوع من المقاطعة وتغيّب كامل وعدم إمكانيّة التنسيق بينهما.
كما ذكر سابقًا، فإنّ هذه العلاقة تتأثّر وتتغيّر وفقا لعوامل وظروف يمكن أن تكون أيضًا خارجة عن السيطرة. وبما أنّنا واجهنا كأهالٍ ومؤسّسات فيروس كورونا مؤخّرًا، وشهدنا على ما جرى في جهاز التّعليم في دول العالم المختلفة، بات من الواضح لدينا بأنّ هذه الظّروف الصّحّيّة قد دفعت طرفي العلاقة -الأهالي والمدارس- إلى مزيد من التقارب والتفاهم والتعاون المثمر، من خلال التواصل عبر الوسائل الإلكترونيّة، الّتي وفّرت قسمًا منها وهيّئتها وزارة التعليم، بهدف عرض الموادّ التّعليميّة بطرق فعّالة وجاذبة ومشوّقة، تساهم تدريجيًّا في رفع مستوى التحصيل العلميّ وتعزّز علاقة البيت بالمدرسة، إلى الحدّ الّذي أصبح ما يشبه أجواء الدراسة في المدارس الرسميّة، قبل التحوّل إلى مسار التعليم عن بعد. إلا إنّه فور انتهاء الجائحة، عادت كثير من المدارس، للأسف، إلى التواصل بالشكل التقليديّ مع الأهالي، بمواضيع تقتصر، عادة، على الرسوم المدرسيّة، مشاكل سلوكيّة، تحصيل الطلاب وأدائهم التّعليميّ.
من هنا يمكن أن نشير إلى بعض الطرق الفعّالة لتعزيز المشاركة بين الأهل والمدرسة وذلك من خلال:
مشاركة الأهل بمعلومات حول جوانب أداء ابنهم الوجدانيّ الاجتماعيّ.
التشاور حول مسائل اجتماعيّة – قيميّة.
المشاركة في اتّخاذ القرارات وتحديد السياسة المدرسيّة في المجال التربويّ والاجتماعيّ.
مشاركة فعّالة في المناسبات الصفّيّة والمدرسيّة، إعداد محاضرات، إرشاد في الرحلات والحلقات الدراسيّة.
مشاركة في التخطيط، التنفيذ و/ أو تقييم الفعّاليّات الصفّيّة والمدرسيّة وغيرها...
احترام إدارة المدرسة ومعلّميها للأهل واستقبالهم بصورة إيجابيّة.
هناك تأثير لمشاركة الأهالي، من الممكن تلخيصها ضمن النّقاط التّالية:
فمن الممكن أن يكون هناك تأثير للأهالي:
على الآراء والمواقف الّتي تتعلّق بأهميّة العمليّة التعليميّة والتربويّة.
على الشعور بالانتماء، الأمن والأمان.
على المناخ المدرسيّ، والتصرّف وفق دستور وقوانين المدرسة.
على علاقة المدرسة والأهالي، حيث أنّ زيادة الاتصال بين المدرسة والأهالي، تعمل على تطوير العمليّة التربويّة، وإنجاح الفعّاليّات الاجتماعيّة في المدرسة.
على التحصيل الدراسيّ: فالتّواصل يدعم ويزيد من تحصيل التلاميذ في كافّة المواض
تمنياتي للجميع بسنة دراسية ناجحة وعملًا مثمرًا. لتكن سنة نرتكز من خلالها على المشاركة التربويّة والاجتماعيّة، ونتحمل المسؤوليّة معا لنكون قدوة لطلابنا عبر غرس القيم والمبادئ في نفوسهم.