تحديات الانخراط في عالم "الهايتك"
أصبح اليوم العمل والانخراط في عالم الهايتك على خارطة أهم المهن التي يصبو اليها طلابنا وطالباتنا بعد ان كانت غير منتشرة في مجتمعنا العربي.
ما هو سبب هذا التحول، وماذا ينتظر طلابنا وطالباتنا من تحديات وصعوبات في الإنخراط والتقدم بهذا المجال? وما هي الخطوات التي ينبغي علينا إتخاذها لبناء المهنة والوصول الى المناصب العليا?
يوفر العمل في الهايتك ظروف عمل مريحة ومستحقات ورفاهية عالية، وفرص نمو لا نهاية لها، وهو الأكثر تحديا واثارة على العديد من الصعد.
فالطريق للقبول للجامعات والمعاهد العليا يتطلب مستوى وتحصيلًا عاليين في الشهادة الثانوية والبسيخومتري للتعليم داخل البلاد، كذلك سيرورة التعليم داخل الجامعات تتطلب المثابرة والعمل الجاد لتحصيل علامات ومستوى تفكير عالي وحاد، حيث ان معظم الشركات تصنف السيرة الذاتية حسب معدلات المتقدمين للوظيفة. وهي تفتح مجال العمل أمام الطلاب خلال فترة الدراسة تحت وظيفة "طالب" لتضمن إنضمام الطلاب المتفوقين والمميزين في مراحل مبكرة وقبل الحصول على شهادة التخرج.
يواجه الطالب العربي صعوبة القبول للعمل داخل الشركات لعوامل عديدة أهمها نص السيرة الذاتية بالشكل الذي تتوقعه الشركات، التحضير السليم لمقابلات العمل حيث تضمن مهارات خاصة، بالإضافة إلى الاختلافات الثقافية.
تعمل اليوم العديد من المؤسسات الحكومية والمجتمعية مثل تسوفن، كاڤ مشفيه، حاسوب وجمعيات نسائية مثل AWSC وغيرهم وكذلك معظم الشركات الكبرى لإثراء الطلاب بآليات مهمه وتوجيههم ومرافقتهم لمواجهه التحديات والتركيز على تحقيق الهدف والحصول على الوظيفة المناسبة. كذلك تعمل قسم من الشركات على تقليص فجوة الثقافات بين المتقدم للوظيفة وبين الممتحنين لملائمة المتقدم للوظيفة.
لا يختصر تحديد الهدف على القبول للوظيفة فحسب، فعلى الطالب فحص جميع مجالات العمل المختلفة والتعرف عليها من قبل مهندسين يعملون داخل الشركات واختيار المجال الأكثر ملائمة واثارة له وخاصة أن هنالك الكثير من المجالات والفرص المتاحة للعمل في شرك الهايتك.
تعتمد الشركات في البحث عن موظفين جدد بالأساس عن طريق "صديق يجلب صديق"، ما يعني أن الموظف الذي يعمل داخل الشركة يوصي بصديقه ليتقدم لوظيفة ما وهذا ما يسرع سيرورة الفحص والملائمة للوظيفة، ونظرا لقلة العرب داخل الشركات فكان ازديادهم بطيئًا نسبة لفئات اخرى، وفي هذا السياق فقد كان للطلائعيين والمبادرين العرب في هذا المجال والانخراط بعالم الهايتك في اواخر القرن العشرين القسط الأكبر في التأثير على الشركات لاستقطاب وتوظيف عدد أكبر من الطلاب والمهندسين العرب بعد أن أدركت الشركات أهمية توظيف العرب داخل الشركات فهم يمتلكون قدرات وكفاءات عالية مما يعود بمردود وفائدة على تطور وبناء الشركات.
ولضمان الحقوق الوافية بعقد العمل من الناحية المهنية والمادية على الطالب او المهندس البحث عن عمل بأماكن متعددة في آن واحد وإستشارة مهندسين ذوي خبرة، والمفاوضة على جميع المستحقات والراتب قبل التعاقد على العمل مع اي شركة.
يتطلب العمل في الهايتك القدرة ومهارة العمل بروح الفريق الواحد والعمل الجماعي، حيث يتكون الفريق من مجموعة مهندسين خبيرين ومهندسين أقل خبره وأحيانا طلاب جامعات، فيعمل الفريق بما يسمى "بالعصف الذهني "، حيث يعمل الفريق بشكل تعاوني ولكن لا زال يجلب المهندس وجهة نظرة وخبراته ويستخدم مهاراته الخاصة، فيتم النقاش والتفكير بين المهندسين حتى الوصول إلى الحل الأكثر ابتكارًا وابداعًا ونجاعة ويعزز الإنتاجية ويقلل نسبة الاخطاء، فهذا مما يسهل العمل على مشاريع كبيره ومعقده وأهدافها خلاقة وجريئة والتي لا يمكن تحقيقها كأفراد.
بالإضافة الى ذلك، فالعمل الجماعي يشجع النمو والقدرة الشخصية لدى لجميع المهندسين ويقلل التوتر والضغط أثناء العمل وكذلك يفتح ابوابًا أوسع للتقدم بالوظيفة
لا يرتكز العمل في الهايتك على منظومة ما يسمى ب "كرسي التقاعد" كما هو متبع في وظائف عديدة مثل السلك التعليمي.
فخلال الوظيفة الأولى يكسب الموظف الخبرة ويستكشف المجالات المختلفة لينتقل أو يتقدم إلى وظيفة جديدة إن كان داخل نفس الشركة او لشركة اخرى في حال لم يجد ما يصبو اليه داخل الشركة التي يعمل بها.
فنرى أن موظفي الهايتك يتنقلون من شركة إلى أخرى لتحسين ظروف العمل المهنية والمادية وجلب الخبرة الشخصية إلى مكان العمل الجديد.
هنالك ايضًا إمكانية التنقل بين الشرك عالميًا، فقد أصبحنا نرى ازديادًا في طلبات الهجرة للعمل خارج البلاد ايضا.
تهتم الشركات بالحفاظ على الايدي العاملة المميزة داخل الشركة، فهنالك منافسة كبيرة بين الشركات لتقديم الأفضل من مستحقات ورفاهية، فعلى سبيل المثال توفر الوجبات اليومية المختلفة، ومعظمهم يوفر النادي الرياضي ودورات رياضيه متنوعة، وغرف ألعاب لتفريغ الطاقة من أجل الإبداع في العمل. بالإضافة إلى إتفاقيات مع مؤسسات مختلفة مثل البنوك للحصول على أفضل الشروط بحساباتهم البنكية، وإمكانية منح جامعية لتعليم مواضيع مختلفة، والكثير من الفوائد لضمان عدم ترك المهندسين أماكن عملهم.
تقوم الشركات بطلب تقييم شخصي من الموظفين الذي يتضمن نتائج وإنجازات الموظفين خلال السنة ويشمل العديد من الجوانب، المهنية والشخصية والعمل الجماعي والإبداعي وبناًء على هذا التقييم وتقييم المدراء بعد سماع توصيات من زملائهم تقوم الشركة بتحسين ظروف العمل من دَخل ومنح وغيرها، كما تضع برنامج عمل وتطور للسنة المقبلة.
ويبقى التقدم والتطور داخل الشركات مسألة شخصية، فعلى المهندس أن يكون مدركًا للفرص الموجودة حوله والبحث عنها بشكل دائم والعمل المستمر في تطوير وتحدي نفسه وأن لا يهاب من الأخطاء بخوض أي تجربة أو تنفيذ أي فكره كانت تهدف لنجاعة عمل المجموعة أو الشركة، وعليه تخصيص نسبة صغيره من وقته للتطوير قدرات مختلفة ليست بالضرورة تصب في وظيفته مباشرة وإنما لبناء وتطوير المعرفة بمجالاتٍ مختلفةٍ ومتنوعةٍ.
حنان فرحات - حمود
خريجة معهد التخنيون للعلوم والتكنولوجيا في موضوع هندسة الكهرباء. تشغل حاليا منصب مهندسة كبيرة في شركة غوغل، كما وشغلت عدة مناصب في شركات كبيرة مثل أبل وانتل وغيرها من الشركات.