الانتخابات الإسرائيلية ومعضلة إدارة بايدن
بينما تستعد الولايات المتحدة لانتخابات منتصف المدة لعام 2022، يراقب البيت الأبيض عن كثب انتخابات الكنيست الإسرائيلية.
لا تزال عملية السلام التي تقودها الولايات المتحدة بين الإسرائيليين والفلسطينيين مجمدة في الوقت الراهن، لكن الإدارة الديمقراطية الأمريكية تأمل في أن تسفر الانتخابات القادمة عن حكومة قوية بما فيه الكفاية، بقيادة رئيس الوزراء الذي يمكنه اتخاذ خطوات جذرية نحو التعامل مع الفلسطينيين.
من الواضح أن التحديات الداخلية للرئيس بايدن أكثر إلحاحًا من حاجته للتدخل في السياسة الإسرائيلية.
وقد يكون للرئيس الأمريكي تفضيل واضح لمن يريد أن يراه يقود إسرائيل، لكنه من غير المرجح أن يلعب دورًا عامًّا نشطًا للغاية في محاولة التأثير على التصويت.
يرى البيت الأبيض الحالي أن أي حكومة يقودها نتنياهو هي مصدر محتمل للصداع.
تشير أحدث ذكريات الرئيس بايدن عن رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إلى بعض النقاط السيئة في العلاقات الإسرائيلية الأمريكية. في عام 2010، عندما زار الرئيس بايدن المنطقة كنائب للرئيس في عهد باراك أوباما، وافق نتنياهو الإسرائيلي على خطة مثيرة للجدل لبناء آلاف الوحدات السكنية في القدس الشرقية. في عام 2015، تحدث نتنياهو إلى الكونجرس الأمريكي ضد الاتفاق النووي الإيراني، الذي كان البيت الأبيض الذي يعمل فيه أوباما يعمل بجد للترويج له.
يفضل البيت الأبيض في عهد بايدن أن يتولى يائير لابيد أو بيني غانتس رئاسة الوزراء، لكن ليس رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو.
بايدن ونتنياهو سياسيان مخضرمان يجمعهما تاريخ طويل، تقاطعت فيه مساراتهما عدة مرات، وتخللت علاقتهما العديد من الخلافات.
إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، عملت كل ما بوسعها بهدف منع عودة بنيامين نتنياهو رئيسا للحكومة الإسرائيلية مرة أخرى، وإن كانت لا تقول ذلك علنا.
الإدارة الأمريكية حاولت إظهار نتنياهو وخطواته السياسية بصورة سلبية من خلال دعم شخصيات سياسية إسرائيلية من أحزاب مناوئة لنتنياهو.
عند زيارة الرئيس بايدن إلى المنطقة الصيف الماضي، لم يعر نتنياهو الكثير من الاهتمام حيث اجتمع معه لمدة خمس عشرة دقيقة فقط كونه زعيما للمعارضة.
حاولت إدارة بايدن منذ استلامها زمام الأمور جاهدة أن تبقي على الائتلاف الحكومي بقيادة بينيت، ولم تضغط على حكومته بشأن موضوع إعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس، أو التوقيع على اتفاق إيران النووي الذي قد يظهر بينيت ضعيفا مقارنة مع نتنياهو. واستمر الدعم غير المعلن بعد انهيار الائتلاف واستلام يائير لابيد رئاسة الحكومة الانتقالية.
يؤمن الرئيس بايدن أن رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نتنياهو يقف عقبة أمام إيجاد أجواء إيجابية للتعامل مع الفلسطينيين.
زيارة الرئيس بايدن إلى الشرق الأوسط، أظهرت لابيد كرجل دولة له علاقات قوية مع أهم حليف لإسرائيل، في محاولة لتعزيز مكانته السياسية. رحب بايدن بتصريحات لابيد بأن حل الدولتين يمثل أفضل طريق متاح لإنهاء الصراع الفلسطيني، والتي جاءت خلال خطابه في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
توقفت مفاوضات السلام الإسرائيلية الفلسطينية منذ عام 2014.
دعم الحزب الجمهوري لإسرائيل قوي، لكن حزب الرئيس هو الذي يشهد تحولا في دعمه المطلق لإسرائيل.
يقود بايدن حزبا ديمقراطيا لم يعد دعمه لإسرائيل قويا كما كان من قبل.
يدخل الحزب الديمقراطي وعلاقاته مع إسرائيل مرحلة جديدة منذ انتخاب أعضاء تقدميين جدد في الحزب مثل إلهان عمر ورفيدة طليب وعدد قليل من الآخرين، الذين عبّروا عن انتقادهم لإسرائيل ودعمهم لحقوق الفلسطينيين. كان هذا واضحًا خلال الحرب الإسرائيلية في مايو 2021 على غزة.
ليس هناك شك في أن التحول داخل الحزب تجاه إسرائيل قد بدأ، وهو أمر لم يسمع به قبل سنوات قليلة.
مع تعاطف المزيد من الأمريكيين مع القضية الفلسطينية، فإنه يجعل من الصعب على الرئيس بايدن والقادة الديمقراطيين المستقبليين تجاهلهم.
ومع ذلك، ستظل القيادة الديمقراطية حذرة بشأن تغيير المسار بشأن هذه القضية. خلال حملة عام 2020، تبنى الحزب الديمقراطي برنامجًا قال أنصار فلسطين إنه لم يرق إلى اتخاذ نهج أكثر تشددًا تجاه إسرائيل.
لا تزال المؤسسة القديمة في الحزب تقاوم أي تحول كبير في السياسة تجاه إسرائيل، ولا يزال الدعم لإسرائيل قويا. لكن أعضاء الحزب الديمقراطي هم من مارسوا الضغط على إدارة بايدن للضغط من أجل تحقيق مستقل وشامل وشفاف في وفاتها.
لكن الكثير من السياسيين الأمريكيين، أو من يطمحون لدخول الساحة السياسية، يتوخون الحذر في اتخاذ موقف عام لصالح الفلسطينيين، بسبب الثمن الباهظ الذي قد يدفعونه.
لقد كان واضحًا جدًّا طوال فترة رئاسة بايدن أن البيت الأبيض ببساطة لا يريد تغيير المسار.
مع تحول الحياة السياسية في إسرائيل بشكل مطرد إلى اليمين خلال العقد الماضي. كاد اليسار الإسرائيلي يتبخر وسط هذه التغيرات العميقة داخل المجتمع الإسرائيلي، تاركًا الإدارة الأمريكية الحالية تواجه مشكلة صعبة تتعلق بكيفية الاقتراب من نتائج الانتخابات الإسرائيلية المقبلة، دون أن يُنظر إليها على أنها تتخلى عن إسرائيل، والوقوف إلى جانبها. من الفلسطينيين، لا يوجد انسان عاقل يتوقع أن يقوم لابيد أو غانتس بإعادة إحياء أو البدء في مفاوضات سلام جدية مع الفلسطينيين، ولا يتوقع أي شخص أن تنهي حكومة إسرائيلية بدون نتنياهو الاحتلال.
في إسرائيل، هناك اختلاف بسيط في السياسات تجاه الفلسطينيين بين القادة السياسيين، سواء بنيامين نتنياهو، أو يائير لابيد، أو بيني غانتس، مما ترك إدارة الرئيس بايدن للاختيار بين أهون الشرين.