إدراج تعلم الهايتك في المنهاج الدّراسي من جيل الطّفولة المبكرة فما فوق!

إدراج عالم الهايتك بمنهاج التّعليم من جيل طفولة مبكرة أساسي ليس فقط لكي يكون هنالك جيل مستقبلي يعمل بمجال الهايتك، بل لأجل خلق أجيال تفكر بطريقة غير تقليديّة، تنتقد، تناقش وتبتكر حلول وأفكار بمجالات عديدة مما يطور مهارات الإبداع والتّعاون والتّواصل والتّفكير النقدي وحل المشاكل وإثارة الفضول عند الأطفال. حيث يمكن استخدام هذه المهارات بكثيرٍ من المواقف التي قد يواجهها الأطفال لاحقًا في حياتهم. ونستطيع فعل ذلك من خلال تعلم وتعليم العلوم والتكنولوجيا، والهندسة والرّياضيات (STEM) وهو جزء مهم من حياتنا اليوميّة.

لماذا اذاً لم يتم إعطاء أهميّة واعتبار لتعلم العلوم والتّكنولوجيا، الهندسة والرّياضيات بشكل كبير مثل المواد الأخرى بمدارسنا؟

لقد غيرت ابتكارات العلوم والتكنولوجيا، الهندسة والرّياضيات حياتنا اليوميّة بسرعة من الطّريقة التي نزرع بها طعامنا، إلى الطّريقة التي نعالج بها الأمراض، ونتواصل مع الأصدقاء والعائلة ونفهم العالم من حولنا.

إن تخصصات العلوم والتّكنولوجيا، الهندسة والرّياضيات (STEM) توفر مسارًا جيدًا للأطفال لاستكشاف مجموعة واسعة من المجالات المثيرة، ومن الطّبيعي أن يهتم أطفال الجيل المبكر بالعلوم والرّياضيات. إذ إنّ كل ما يفعله الأطفال الصّغار تقريبًا هو استكشاف عالمهم. إن الأطفال الذين يشاركون في العلوم والرّياضيات يطورون بانتظام دوائر لجعل التّعلم في هذه المجالات أسرع وأسهل بالمستقبل.

وإن إهمال هذه المهارات يساهم في تخلف الأطفال وعدم تقدمهم وتركهم خلف أجيال فئات ومجتمعات أخرى. من المهم أن يكون كل فرد في المجتمع، وليس قلة مختارة فقط مرتبطة في التّعامل مع العلوم والتكنولوجيا، والهندسة والرّياضيات من أجل الازدهار في العالم الحديث.

ما الذي يمكن فعله لزيادة الاهتمام والتّعليم في مواضيع العلوم والتّكنولوجيا والهندسة والرّياضيات وتحسينهما في السّنوات الأولى؟

كيف يستجيب المعلمون وأولياء الأمور على المصطلحات مثل ""لماذا"" و""كيف"" مثل الأسئلة: لماذا السّماء زرقاء، ولماذا لدينا عينان؟ كيف تتنفس الأسماك؟ وما إلى ذلك. كم مرة نتعامل مع هذه الأسئلة من الأطفال على أنها استفسارات علمية تستند على أساس ملاحظات مباشرة؟

المعلمون وأولياء الأمور بحاجة إلى التّعلم. نحن نعلم أن الأطفال يتعلمون بشكل أفضل عند تمكنهم من التّفاعل مع المواد ومراقبة النّتيجة. وعندما يكون هذا مصحوبًا بحوار الكبار، فإن تعلمهم للأشياء يكون أفضل. ويجب أن يكون تعلم العلوم من خلال التّحري.

إن تفكير الأطفال يشبه تفكير العلماء. فهم فضوليون بطبيعتهم لأن كل شيء جديد عليهم.

يعتبر الراشدون الدّاعمون الأولون والمفتاح لتعلم العلوم والتّكنولوجيا، الهندسة والرياضيات لا سيما للفتيات وأولئك الذين ينتمون إلى خلفيات محرومة. فالأطفال بحاجة إلى راشدين يؤمنون بأنّ جميع الأطفال قادرون على تحقيق كامل إمكاناتهم.

خلال زيارتي لمتحف علوم مدرسي بالولايات المتحدة الأميركيّة، رأيت كيف يتم التّعامل مع الأطفال مباشرة، وكيف يسعون إلى إشراك وإلهام الرّاشدين الذين يرافقون الأطفال الصّغار في المتحف في رؤية قيمة للتّعلم العملي في مجال العلوم والتّكنولوجيا، الهندسة والرّياضيات (STEM). كم متحف علوم أو مختبر رياضيات مدرسي يوجد بمدارسنا؟ حتى لو غرف صفيّة صغيرة وليس بحجم مختبرات كبيرة.

جميع الأبحاث والدّراسات تثبت بأنّ اللّعب في مرحلة الطّفولة المبكرة أمر ضروري للتنمية. إذ يساهم في تطوير الإدراك المعرفي والاجتماعي والعاطفي للأطفال. وكي يصبح الأطفال مفكرين واثقين من العلوم والتّكنولوجيا، الهندسة والرّياضيات يجب أن يلعبوا سواء كان اللّعب مجانيًا أو يسترشد بشخص بالغ يقدم أنشطة مستوحاة من اهتمامات الطّفل، فإن اللّعب مثالي للتعلم ولممارسة وتطوير مهارات جديدة.

وينبغي النّظر إلى العلوم على أنه لا يقل أهميّة عن المواد الأخرى مثل الرّياضيات في مرحلة السّنوات الأولى التأسيسيّة. إن الرياضيات والعلوم على حد سواء لا تقل أهميتها عن بعض. ويمكن تقديمهما معًا منذ السّنوات الأولى. وفهم العلوم أمر ببالغ الأهمية لفهم العالم. يمكننا أن نرى كيف ساهم الجهل بالعلوم في عواقب وخيمة على كوكب الأرض والطبيعة، مثل الحرائق والفيضانات الأخيرة التي ضربت العالم بسبب تغيرات المناخ من جهل الأمم، ولذلك مهم من خلال دراسة العلوم أن يتعلم الأطفال أن البيئات مترابطة.

إن التّفكير كعالم يبدأ من جيل الطفولة، عندما يتوصل الأطفال إلى استنتاجات من خلال السّبب والنّتيجة وذلك أثناء تجربتهم لمحيطهم المباشر. من خلال البناء على هذا الفضول بجيل مبكر، يمكن أن يكون هنالك تأثير حقيقي على كيفية تعلم الأطفال.

والسّؤال الذي يجب أن نسأله كمعلمين، مرشدين وأولياء أمور، هل ركزنا بشكل تقليدي أكثر من اللازم على مهارات القراءة والكتابة المبكرة وليس على مهارات العلوم والتكنولوجيا، الهندسة والرياضيات؟

كلاهما مهم. لقد كان محو الأميّة محور التّركيز الرّئيسي على مدى العقدين الماضيين، وينبغي أن يكون لمهارات العلوم والتكنولوجيا، الهندسة والرّياضيات نفس التّركيز. إن هذا التّركيز قد تغير بشكل كبير. وقد أظهرت الأبحاث الحديثة أن تعلم العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات يعزز تطوير اللّغة مما يؤدي بدوره إلى تعزيز التفكير في العلوم والتكنولوجيا، الهندسة والرّياضيات.

إن دمج الأطفال في تجارب مرحة في مجال العلوم والتكنولوجيا، الهندسة والرياضيات يساعدهم بسماع واستخدام كلمات جديدة ومفاهيم جديدة. وقضاء الأطفال لبعض الوقت في الانخراط في البحث العلمي، يضيف لهم فهم أفضل للمواد التي يقرؤونها والمتعلقة بعالمهم. ويتطور تعلم العلوم واللّغة جنبًا إلى جنب ولا ينبغي النّظر إليهما كلّ على حدة، ولكن يجب النّظر إليهما على أنهم مهارات حياتية تكمل بعضها بعضًا.

كيف يمكننا إدخال العلوم والتّكنولوجيا، الهندسة والرياضيات STEM في التّعليم في مرحلة الطّفولة المبكرة؟

يمكننا من خلال بعض الطّرائق:

بدلًا من التّدريس حول الأشكال يمكن استخدام لعب فرز الشّكل أو المكعبات للسماح للطفل تجربة مختلف الأشكال وخصائصه.

بدلًا من التّدريس عن العدّ يمكن أخذ الطفل إلى الحديقة والسّماح له بجمع الأوراق والحجارة أو الزّهور وعد ما يجمع.

توفير مواد ملائمة لإعطاء فرصة للعب وأنشطة للاستكشاف.

المشاركة بفضول الطّفل.

الانضمام للأطفال في التّجارب.

بطرح الأسئلة لمساعدة الطفل على تعلم المفاهيم– ما هي الكرة الأصغر؟ كم سمكة في البركة؟ الكرة التي تعتقد أنها ستصل إلى الأرض أسرع إذا رميت الكرتين معًا؟\

ما هي المواد التي يمكن استخدامها لتعلم STEM؟

يمكن استخدام المواد المتاحة بسهولة في المنزل للتعلم مثل: المقص، الطباشير الملونة، الدّهان، الأطباق، ملعقة، أوراق الشّجر، الزّهور والعديد من هذه المواد المتاحة بسهولة في المنزل وكلها أدوات تمكن الأطفال من عمل أنشطة STEM بالبيت.

فيما يلي أعطي أمثلة محدّدة عن كيفيّة استخدام اللّعب لأنشطة STEM

دعونا نرى ما يحدث عندما يلعب طفل مع مكعبات:

يفهم أكثر عن مختلف الأشكال والألوان

أولًا يبني برج من مكعبات ويسقطه، ما يعلمه عن أحادي الأبعاد (الذي يبقي جسم واحد فوق الأخر)

وعندما يكبر يصنع قطارًا مثل الهيكل الذي يعلمه عن أحادي الأبعاد، ولكن أفقيًا

وعندما يكبر أكثر ويتقدم بالجيل يبدأ بصنع جدارًا ثنائي الأبعاد.

ومع الوقت يمكن للطفل إنشاء هياكل متعددة ثلاثية الأبعاد ومعقدة أكثر.

أود التّطرق للخطة الحكوميّة لتقديم الهايتك من خلال الخطة الخماسيّة قصيرة الأمد

كي لا يصبح برنامج التّعليم الجديد 2021- 2025 برنامجًا آخر كالبرامج السّابقة، من الضّروري العمل على خطة طويلة الأمد. على نطاق واسع ومن خلال برنامج مناسب للفئات المجتمعيّة المختلفة وخاصة المهمشة وليس فقط لأولئك الذين هم بالفعل مستفيدين من البرامج السّابقة ببعض المناطق الجغرافيّة المختارة.

يجب التّركيز على الإلهام للآباء والأمهات في إطار المدرسة، وتدريب مهارات العالم الجديد لمدراء المدارس والمعلمين وجعل الأطفال يستكشفون من جيل صغير، يبحثون عن المعلومة بكل مادة تعليميّة، وعرضها أمام زملائهم بالصّف مما يعزّز ثقتهم بنفسهم ويطور مهاراتهم التي يحتاجونها بمستقبلهم المهني والأكاديمي. ويجب كشف الطلاب وأولياء الأمور لقدوات من مجال الهايتك يسمعونهم ويتعرفون على مجالاتهم المختلفة ونوع عملهم وكيف وصلوا لوظيفتهم الأولى، وكيفيّة اختيار مجال تخصصهم الجامعي؟

وموضوع مهم يجب تعزيزه بالمدارس ومن جيل صغير هو مجال الرّيادة لحل المشاكل والتّحديات من خلال كشف الطّلاب لتحديات بيئية، اجتماعيّة أو صحيّة، وكيفيّة استخدام المجال التّكنولوجي كحلٍ لهذه التّحديات، إذ إن الطّلب لموظفين ذي مهارات رياديّة زاد وأصبح شرطًا بقبول الموظفين للعمل بالشّركات التّكنولوجيّة.

حازم خطاب

مدير JobHub - مشروع التشغيل، التدريب والتطوير للمصالح الصغيرة والمتوسطة في المؤسسة السويدية Star For Life ومؤسس ورئيس الأمناء لمؤسسة Jerusalem High-tech Foundry

شاركونا رأيكن.م