العاب الفيديو– هل فعلًا تسبب العنف؟

لا يخفى على أحد أن ألعاب الفيديو أصبحت أكثر عنفًا في العقود الأخيرة، ما أدى تحولها إلى مصدر قلق متنامي لدى الأهل في الأعوام الأخيرة.

فعلى سبيل المثال، ألعاب الفيديو التي تستحوذ على اهتمام الأطفال والمراهقين وتحظى برواج كبير بأوساطهم، تتضمن إطلاق رصاص وضرب، ومع تورط أعداد متزايدة من الشّباب في أعمال عنف وإطلاق نار في الأعوام الأخيرة، لا بد من السؤال فيما إذا كان لهذه الألعاب دورًا ما في هذه المظاهر المقلقة!

متجري "جوجل" و"أبل" على سبيل المثال، يحتويان على عدد كبير من التّطبيقات التّرفيهيّة المليئة بمختلف أنواع الأسلحة والسّلوكيات العنيفة، وللأسف كل هذه الألعاب تستهدف الفئات العمرية الصّغيرة! والغريب بالأمر أنها حاصلة على تصنيف يشير إلى أنها "آمنة للأطفال"!

تشير الأبحاث أنّ الاهتمام الكبير بألعاب الفيديو هذه تؤثّر جدًا على الأطفال بالذّات، فنتيجة الانكشاف المستمر لمشاهد العنف والتّعاطي معها من خلال اللّعب، يؤدي إلى أن يكون الأطفال أقل حساسيّة، وأقل تعاطفًا مع الآخرين.

قبل سنوات عدة، قامت الجمعية الأمريكيّة لعلم النّفس ببحث العلاقة بين ألعاب الفيديو العنيفة والسّلوك العنيف لدى الأطفال، الذي أفضى إلى نتيجة مفادها أن هناك علاقة مباشرة بين استخدام ألعاب الفيديو العنيفة وبين ازدياد السّلوك العدوانيّ، والإدراك العدواني، مقابل تراجع السّلوك الاجتماعي الإيجابيّ والتّعاطف والحساسيّة.

صحيح أنه لا يمكن الجزم بأنّ العاب الفيديو هذه، هي السّبب الوحيد لتفاقم أزمة العنف بأوساط الأطفال في المجتمع العربي، غير أنها بلا شك أحد العوامل المسببة لذلك.

أذكر أنني قبل سبع سنوات حين كنت مهندسًا في شركة "إنتل"، وفي لقاء جمعني مع صديقي حسن أبو نمر، وهو معالج وظيفي متخصص في علم الإدراك العصبيّ، تحدّثنا مطولًا عن شحّ التّطبيقات المفيدة والآمنة للأطفال، واتفقنا سويًا على ضرورة اتخاذنا كآباء موقفًا أكثر فعاليّة في انتقاء المضامين الترفيهية لأطفالنا على أن تضمن نموهم بطريقة سليمة ومعافاة؛ ولكننا سرعان ما ادركنا أن الأمر يتطلب أكثر من ذلك، وقررنا حينها إطلاق مشروعنا الخاص الذي يعنى بتطوير التّطبيقات التّعليميّة التّرفيهيّة الآمنة للأطفال.

اليوم وبعد مرور سبع سنوات على مشروعنا المتواضع، أصبحت شركة "كيديو" شركة عالميّة، تحتضن أكثر من 200 مليون مستخدم حول العالم.

لذا، أشعر بحاجة ملحة أن أشارك تجربتي كأب لأطفال قبل أن أكون مديرًا لشركة تعنى بالأطفال، لأوصي بالتحدث مع الأطفال باستمرار حول ما هو مناسب وغير مناسب، لغرض توجيههم وتعزيز قدرتهم على اتخاذ القرارات السّليمة عمومًا وتجنب الوقوع في الأخطاء.

أوصي كذلك بمراجعة الإرشادات والإعدادات الخاصة بالتّطبيقات التي يستخدمها الأطفال، والتّأكد من كونها ملائمة للاستخدام، وبأنها لا تجمع بياناتهم الشّخصية أو تعرض محتوى غير لائق خلال اللّعب.

ولنتذكر أن الأطفال يلتقطون المعلومات والسّلوكيات من محيطهم، وعندما يقوم الأهل بمنح موافقتهم المباشرة أو غير المباشرة (بعدم التّدخل) للاشتراك في العاب فيديو عنيفة سيكونون بالضّرورة شركاء في نقل الانطباع الخاطئ لدى أطفالهم وكأنّ العنف هو أمر رائع وممتع!

وأخيرًا، لا بد من التّنويه بأنّ الأطفال يقلدون ما يشاهدونه، فنحن والأطفال على وجه الخصوص نصبح تمامًا "ما نتلقاه"!


كاتب المقال: محمود كنانة وهو مؤسس شركة" كيديو" وهي شركة ناشئة لتطوير التّطبيقات التّعليميّة التّرفيهيّة للأطفال.

محمود كنانة

مؤسس شركة" كيديو" وهي شركة ناشئة لتطوير التّطبيقات التّعليميّة التّرفيهيّة للأطفال

شاركونا رأيكن.م