القاعدة الجماهيرية على مواقع التواصل الاجتماعي، بين المحتوى الهادف والتافه!

مؤثر ولكن؟

من هم مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي؟ أو حتى مصطلح "مؤثر" كيف أطلق عليهم ذلك ولماذا؟ في السابق كانت الأمور مقتصرة عند انطلاق الثورة التكنولوجية على تطبيقات بسيطة ومع التطور التكنولوجي المتزامن مع تطور الأجهزة كالحواسيب أو الهواتف الذكية بدأت تنتشر التطبيقات المختلفة المتعلقة بالتواصل الاجتماعي بداية من الفيسبوك، والانستغرام، وتويتر، وتطبيقات أخرى كسنابشات، وتيك توك والعشرات من التطبيقات المختلفة.

مصطلح مؤثر كان ولا يزال يطلق على الأشخاص الذين يتركون بصمة وأثرا في الناس، تعتبر شخصية بارزة لها دورها في المجتمع ورفعته ومناصرة قضاياه وبقية الناس تتخذهم كقدوة أو تستعين بهم لكثير من القضايا، بالتالي لا خلاف على تعريف المصطلح، ولكن هل كل المؤثرين الذين نصادفهم يستحقون هذا "اللقب"؟!

الجميع يعيش هذا التغير والتطور الحاصل، صفحات مختلفة ومتنوعة، وصفات طعام، وأكلات شرقية غربية، ومواهب في الرسم والغناء، في الإلقاء، أو الكوميديا حتى أن الرياضيين والإعلاميين والفنانين وخبراء التجميل باتت لهم صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي ينشرون خلالها صورا أو مقاطع فيديو لحياتهم اليومية أو حتى أعمالهم، فيبدأ الالاف بمتابعتهم وكلما زاد عدد المتابعين ارتفعت شهرتهم أكثر وأكثر بغض النظر إن كان المحتوى المقدم يستحق أم لا.

نماذج مختلفة..

تتجول انتصار البطش في شوارع غزة وهي تتحدث باللغة العربية الفصحى فقط، انطلقنا معها في جولة لنرى كيف توثق يومياتها على صفحتها على الانستغرام حيث إن لديها الاف المتابعين من فلسطين والخارج. تتعامل انتصار بشكل طبيعي مع الباعة وسائق السيارة وصديقاتها بكل عفوية وبساطة ولا ترى فيما تفعله أمرا غريبًا أبدا تقول "أنا لا أتحدث بطريقة غير مفهومة بالعكس هي لغتنا العربية وأسعى من خلال صفحتي ونشر يومياتي أن أحفز الناس على ممارسة اللغة العربية بشكل أكبر حتى لا تكون أمر غريبا".

من ضمن ما تنشره انتصار؛ فيديوهات تعليمية لتصحيح الأخطاء الشائعة في اللغة العربية واستطاعت تكوين قاعدة شعبية كبيرة، حتى أن بعض المحال التجارية تستعين بشهرتها كنوع من الترويج "سنتطرق لهذه الجزئية بشكل أوسع "

في الترويج تفوز النساء..

آلاف الخريجين عاطلون عن العمل في غزة، يلجأ البعض في الآونة الاخيرة إلى استخدام مواقع التواصل الاجتماعي كمصدر رزق بنسبة 13 بالمئة حسب المركز الشبابي الإعلامي وأغلب المستخدمين هم من فئة النساء، أوضح المركز بأن إحصاءات عام 2020 تشير إلى أن 49 في المئة من مستخدمي "إنستغرام" في غزّة تصلهم إعلانات تروجها النساء.

فالكثير ممن لديهم قاعدة جماهيرية يستعين بهم أصحاب المحال التجارية والغذائية للترويج عن منتجاتهم مقابل مبلغ مالي يبدأ من 100 شيكل وما فوق، حيث إن قدرة هؤلاء على الوصول لأكبر عدد من الناس أسرع من الوسائل الترويجية المعروفة.

سالي الترك مذيعة ومقدمة برنامج "نشرتك"، افتتحت زاوية خاصة بالملابس النسائية منذ عامين في أحد المحال التجارية، ولديها آلاف المتابعين على صفحتها على الانستغرام، ساعدتها هذه القاعدة الجماهيرية في الترويج لمنتجاتها وأيضا للترويج عن منتجات، وأيضا بعض المؤسسات الدولية بدأت تتجه كذلك للمؤثرين وقدرتهم على الوصول بشكل أسرع للجمهور حيث شاركت سالي وعدد من المؤثرين في برامج مختلفة كالتوعية ضد فيروس كورونا، وحملات توعوية للتطعيم، وبرامج مختلفة متعلقة بالبيئة والتلوث وتوعية الناس في مناطق مختلفة ومهمشة تقول سالي " مشاركتنا في فعاليات مختلفة متعلقة بالتوعية والحفاظ على البيئة أو على الصحة تعود لقدرتنا على الوصول للناس بشكل أسرع من الحملات الأخرى. اليوم، اختلفت الأمور، وتَوَجُّهُ الناس للسوشيال ميديا بات بشكل أكبر من السابق بالتالي بجانب الترويج الذي نقوم به والذي يعد مصدر رزق، أيضا نتجه للجوانب الأخرى المجتمعية والثقافية".

للأسف لن نتطرق "للمشاهير" أو من يرون أنفسهم مؤثرين بشكل أو بآخر ولديهم آلاف المتابعين ولكن المحتوى من وجهة نظر الكثيرين، ومن بينهم "أنا"، هو محتوى فارغ؛ ولذلك لن نتطرق لهذه الفئة حتى لا نقع في مصيدة " التشهير" أو نعطيهم أكبر من حجمهم الحالي، فالكثيرون يستغلون المحتوى الفارغ لإثارة الجدل فقط لجلب المتابعين، إذ كلما كان المحتوى فارغا، زادت شهرته.

كيف يرى الجمهور دور المؤثرين؟

في جولة بسيطة لاستطلاع الرأي بين الناس حول منصات التواصل الاجتماعي ورأيهم في المؤثرين كانت الآراء متباينة، محمد يرى أن بعض الشخصيات نالت من الصيت والشهرة، ولكن بمحتوى فارغ وتافه على حد قوله، ولا يستحق هذه الشهرة أو حتى أن يطلق عليهم مصطلح مؤثر، كذلك الأمر بالنسبة لسهى التي ترى أن مواقع التواصل الاجتماعي اقتحمت بيوت الناس وفضحت الخصوصية في تصوير التفاصيل المنزلية، وأن هذه الامور دخيلة على تقاليدنا.
بينما يرى سعيد أن هناك شخصيات عربية وفلسطينية تستحق المتابعة، ولكنها لا تنال من الشهرة أي جانب ولا يوجد لديهم آلاف المتابعين مقارنة بالمحتويات الأخرى الفارغة التي تنال مشاهدات بالآلاف. بالرغم من أن المحتوى المقدم هادف جدا، ولكن ميول الناس في الآونة الاخيرة تتجه للمحتويات السهلة والغريبة.
ويقول الحاج أحمد إنه من الواجب وضع رقابة مجتمعية وقانونية على المحتوى الذي يقدم للناس والذي تتعرض له فئات كثيرة قد تؤثر على سلوكهم وتصرفاتهم بشكل سلبي.

بعد هذا الاستطلاع نتفق على أن المحتوى الهادف والزخم بالمعلومات لديه قاعدة جماهيرية جيدة، ولكن ليست ممتازة كالشخصيات الأخرى التي تمتلك قاعدة كبيرة فقط لمجرد أنها تنشر يومياتها، إذن من يتابعهم ولماذا؟ الإجابة هي "الفضول".

هشتاقات #

ومن معارك افتراضية على مواقع التواصل الاجتماعي، إلى معارك على أرض الواقع، ساهمت فيها مواقع التواصل الاجتماعي على استحقاق الحقوق وتغيير الوقائع المتعلقة بقضايا مجتمعية حساسة، من بينها هاشتاق #أنقذوا_الشيخ_جراح وحجم الدعم الدولي والعربي والشعبي الذي أيد حقوق أهالي الشيخ جراح وانطلقت على إثرها مسيرات جماهيرية في مختلف بقاع الأرض، بالإضافة لقضايا العنف ضد النساء والاطفال والقتل على خلفية الشرف التي ساهمت بدورها في تحريك الرأي العام ضد هذه القضايا والسعي لتغيير القانون الفلسطيني في بعض بنوده.

في المقابل كان التضييق على المحتوى الفلسطيني ضخمًا خلال عام 2021، حيث تعرَّض عدد كبير من النشطاء العرب والفلسطينيين في منصات التواصل الاجتماعي، وخصوصًا "فيسبوك" و"تويتر"، لحظر موقّت وحظر كامل، ومنهم من أُغلِقَت حساباتهم، بسبب مواقفهم التضامنية، ولكن استطاع الكثيرون الالتفاف حول هذه القيود للاستمرار بالنشر.


شاركونا رأيكن.م