غريبٌ في ديار أبي وجَدّي؟

في محاضرة كيف نتعامل مع الآخر دعانا المحاضر الغريب

(أنا الغريب الذي ما غادرَ الدّار وغادرَتْهُ حقوق الأهلِ والدّار ) أ

نا الغريب؟ أنا الغريب؟

أَحَقُّ ما تَردّدَ في أُذُني .. وزَلزَلَ بِالبُهتانِ أركاني؟

أنا الغريبُ؟ أَحَقُّ ذاكَ يا أَبَتي؟

مِن أينَ جئتُ؟ ومَن في الجَمرِ القاني؟

أبي اصْدُقْني.. أَرِحْ خلدي.. بِحَقِّ قبرِكَ بِينَ البُطْمِ وَالْبَانِ

أما وُلِدْتُ هُنا مِن رَحمِ شامخةٍ

تَرعْرَعَتْ في حِمى أهلٍ وخِلانِ وأَرْضَعَتْني حُبَّ الْأَرْضِ يَحْضُنُني

زيتونُها المُشتَهى في ظلّهِ الدّاني

بزيْتِها مَسَحَتْ رأسي تُكَرّسُني

وكحَلَتْ بشعاعِ العِزّ أجفاني

أنحنُ مَن حَمَلَتْنا السُّفُنُ هائمةً وجَمَعَتْنا شعوبًا دونَ أوطان؟

أبي:

تَلاطَمَ مَوْجُ النّفي يُغرقُني .. وغَصَّ في لُجَجِ الويلات إيماني

أبي

غريبًا لقدْ أمسَيْتُ في وَطني

أمّا الغريب فأضحى مالكًا شاني

وسَخّروني فعمّرْتُ البُيوتَ لهُم

واستَعمَرَ القَفْرُ آهاتي ووجداني

لمْ يَبقَ فِي وَطني إِلَّا الحنينُ لهُ أُعِزُّهُ وهُوَ بِالنّكرانِ يَلقاني

حيفا

سألتُكِ يا مهدي ومُلتحدي

أليس حضنكِ مَن بِالعِزِّ رَبّاني

أليسَ مِن شَطِكِ الهدّارِ قافيتي

ومِن صَدَى المَوْحِ أشعاري وألحاني؟

أصْحَيْتُ فِيكَ غَرِيبًا

آه يا بلدي

وفيكَ ترسو جذوري مُنذُ أزمان

لنْ يُفْلِحَ الزِّيفُ والتزوير في بلدٍ في كل زاويةٍ لي أَلْفُ بُرهان

أنا التّراثُ هُنا رسمي ومُنتهجي

في العقد.. في السّورِ

في الزيتونِ والزَّانِ

في كلِّ مَبَنِّى قديمٍ زَانَ حَائِطَهُ

نقش أصيل بهِ اسْمي وعُنواني

سينجلي الحَقُّ مِن أغوارِ عَتَمَتِهِ

ويَظْهَرُ الحَقُّ للقاصي والداني!


من ديوان "عريشةُ الياسمين" - 1997.

سعاد قرمان

شاعرة وكاتبة فلسطينية، تقطن قرية «إبطن» قضاء حيفا. أنهت دراستها الثانوية في راهبات الناصرة، حصلت على شهادة البكالوريوس باللغة الإنجليزية وموضوع التربية من كلية «اورنيم»، عملت في مجال الصحافة كمحررة لزاوية المرأة في صحيفة «اليوم»، وفي التلفزيون، كما عملت كمعلمة للغة الإنجليزية واللغة العربية والدين الإسلامي بمدرسة ابطن الابتدائية حتى مستهل التسعينيات، حيث قدمت استقالتها من سلك التدريس. وهي من مؤسسي رابطة الكتاب الفلسطينيين العام 1980، انتخبت كرئيسة للهيئة الادارية لمسرح الميدان لمدة خمس سنوات. تكتب الشعر والنثر، تتراوح قصائدها بين العمودية والتفعيلة، ونشرت كتاباتها في العديد من الصحف والمجلات الادبية والثقافية.

شاركونا رأيكن.م