سمسرة تصاريح العمل للفلسطينيين وإزهاق الأرواح
الأرقام المتعلقة بضحايا ومصابي حوادث العمل مُقلقة وخطيرة للغاية، منذ بداية العام وحتى اليوم 17\04\2022 هناك 22 ضحية، حيث كان آخرها المرحوم فادي مبدا ذيب (30 عامًا) ابن قرية مجد الكروم والذي لقى حتفه بعد انقلاب جرار (تراكتور) زراعي عليه، وقبله بأيام لقى حتفه جوزيف عبود ابن مدينة شفاعمرو بعد أن سقط من علو أثناء عمله على رافعة.
عدد ضحايا حوادث العمل هذا العام أعلى ب 75% مقارنةً بعدد ضحايا حوادث العمل خلال نفس المدة من العام الماضي.
عدد ضحايا شهداء لقمة العيش في تزايد كبير، عام 2017: 52 شهيد، عام 2018: 76 شهيد، عام 2019: 92 شهيد، عام 2020: 70 شهيد.
سابقًا ترأستُ ""اللجنة الفرعية لمكافحة حوادث العمل وحقوق العمال"", المنبثقة عن لجنة العمل والرفاه الاجتماعي والتي أُقيمت في شهر أغسطس من العام 2020 خلال دورة الكنيست ال 23، حيث قمت بمتابعة قضية تطبيق تعليمات السلامة في ورشات العمل وقضية الإصلاحات في مجال السقايل في ورشات العمل وخاصة مجال البناء والتي يجب أن تتوافق مع المعايير الأوروبية، منعًا لوقوع مزيد من الضحايا.
للأسف وبسبب الاعلان عن حل الكنيست ال 23 والتوجه لانتخابات رابعة تمّ حل تلك اللجنة الفرعية، حيث كانت آخر جلسة لها بتاريخ 08/12/2020 والتي كانت حول تورّط مشغلي الرافعات في حوادث العمل.
في بداية شهر ديسمبر وتحديدًا بتاريخ 06/12/2021 تم انتخابي رئيسًا ل ""اللجنة الفرعية للأمان في العمل""، والمنبثقة أيضًا عن لجنة العمل والرفاه البرلمانية، حيث ناقشنا في الجلسة الأخيرة التي عُقدت بتاريخ 27/012/21 وبحضور نائب وزيرة الاقتصاد, نقاط عديدة تتعلق بالحفاظ على الأمان في العمل وحول عدم تطبيق الحكومة لبعض القرارات التي تم اتخاذها سابقًا وخطوات جديدة يجب البدأ في تطبيقها والمتعلقة ب: السقايل حسب المعايير الأوروبية، تركيب شبكات أمان للعاملين في علو، حملة لزيادة الوعي بين الجمهور حول ضرورة المحافظة على تعليمات السلامة، الدفع نحو تمرير اقتراح قانون يتعلق بتوظيف مُشغلي رافعات ضمن شركات مختصة وذلك من أجل محاربة ظاهرة إصدار رخص مزيّفة لتشغيل الرافعات، الدفع نحو تمرير اقتراح قانون يُلزم بتوظيف ""مُساعد أمان"" في كل ورشة يتم تعريفها على أنها ورشة بناء، بالاضافة إلى بدأ وزير العمل والرفاه بتطبيق البند 149א لقانون التأمين الوطني والمتعلق بجباية رسوم تأمين وطني عالية من المُشغّل (מעסיק) والذي يكون احتمال حدوث حادث عمل عنده كبير، وذلك وفقًا لمعايير معيّنة يحددها الوزير والتي تُمكّن من تحديد مستوى الخطورة والاحتمال لحدوث حادث عمل، بحيث لا يكون المبلغ الذي تتم جبايته أقل من 0.1% من الدخل الشهري للعامل ولا يزيد عن 0.35% من الدخل، وهذا المبلغ يتغير وفقًا لاحتمال حدوث حادث عمل عند ذلك المُشغّل"".
بتاريخ 01\03\2022 قمت بإدارة جلسة مستعجلة بمبادرتي، في لجنة العمل البرلمانية حول ضحايا ومصابي حوادث العمل الأخيرة. في نهاية الجلسة قمت بتلخيص الجلسة والمطالبة بمعطيات عديدة من وزارات القضاء والاقتصاد والمالية والعمل والرفاه، تتعلق بتطبيق تعليمات السلامة والعقوبات والغرامات المالية المفروضة على الشركات والمقاولين ومعطيات أخرى، كما وتم الاتفاق على أن يتم عقد جلسة في لجنة المالية البرلمانية بمبادرتي أنا وزميلي النائب عوفر كسيف من أجل فحص الامكانية لتقديم تعويض مالي لمقاولي السقايل الذين يملكون سقايل لا تتناسب مع المعايير الجديدة، حيث سيضطرون للاستغناء عنها وعدم استعمالها.
واضح بأن هناك تقاعسًا من قِبل الوزارات والحكومة في التعجيل بتطبيق معايير السلامة وفرض عقوبات صارمة على كل من يتوانى عن تطبيق معايير السلامة في ورشته أو كل من يحاول تزوير شهادات تتعلق بالتأهيل المهني للعمال.
لكن كوني أترأس اللجنة الفرعية للأمان في العمل، تقع على كاهلي مسؤولية كبيرة وسأعمل جاهدًا كما في الدورة الماضية، ومنذ دخولي البرلمان، على وضع سلامة العامل وحقوقه في أعلى سلم الأولويات.
قضية السماسرة وتصاريح العمل للعمال الفلسطينيين
أتابع هذه القضية منذ سنوات وبادرت لعقد جلسات عديدة مستعجلة في لجان الكنيست، من بينها لجنة مراقبة الدولة حيث تم عقد جلسة ثانية فيها في شهر ديسمبر 2020, ومن المقرر عقد جلسة أخرى بمبادرتي حول هذا الموضوع خلال الشهر القادم.
هناك استغلال كبير ومجحف للعامل الفلسطيني للحصول على تصريح للعمل في البلاد على يد سماسرة من الطرفين، والذين يستغلون الحاجة الماسة للعامل الفلسطيني في العمل ويجنون منه أموالًا طائلة تصل حتى 2500 شاقل شهريًا، أي إلى نصف معاشه، من أجل إصدار التصريح الذي هو من حقه أصلًا.
خلال طرحي للقضية تطرقت لقرارات الحكومة بهذا الخصوص والمصادق عليها منذ سنوات والتي لم تنفذ منذ شهر ديسمبر 2018، فاضطرّ العديد من العمال الفلسطينيين للدخول للعمل بدون تصاريح، رافضين التعامل مع السماسرة والمبالغ الكبيرة التي يجب دفعها لهؤلاء السماسرة. أضف إلى ذلك المعاناة التي يواجهها العمال الفلسطينيين من تفتيش وإذلال على المعابر الحدودية.
قمتُ بمعاينة التعليمات الجديدة التي صدرت بهذا الصدد في نهاية عام 2020، هناك بعض التعليمات الايجابية والتي من شأنها وضع حد لهذه الظاهرة المقيتة. فبحسب تلك التعليمات سيتم إعطاء العامل الفلسطيني ""تصريح عمل عام في مجال البناء"" وليس تصريح عمل في ورشة معينة أو عند مقاول معيّن، حيث سيكون بإمكان العامل الفلسطيني أن يختار المقاول الذي هو يرغب بالعمل عنده ,أما في حال وقرر العامل الفلسطيني إنهاء عمله عند مقاول معين، لن يتم سحب تصريح العمل منه فورًا، إنما ستكون معه مهلة 60 يوم لإيجاد مقاول آخر للعمل عنده ولكن على ارض الواقع لم يحدث تغيير جوهري ولا تزال قضية التجارة بتصاريح العمل حارقة ويجب القضاء عليها وهذا يكون فقط بالتعاون والتنسيق مع وزارة العمل الفلسطينية والنقابات العمالية الامر الذي يوفر عمال مهنيين وذوي خبرة في كافة المجالات وايضا من شأنه توفير ورشات للأمان وسلامة العمال .
من المعطيات يتبين أنّ الغالبية العظمى من شهداء لقمة العيش هم من العمال الفلسطينيين من الداخل ومن المناطق المحتلة وعمال أجانب، وفقط عدد قليل من الضحايا هم يهود، وهذا ربما يفسر التقاعس الحكومي بمحاربة هذه الحوادث وعدم رصد الميزانيات اللازمة وعدم التشديد في اجراءات التحقيق وتقديم لوائح الاتهام وفرض العقوبات على شركات ومقاولين خالفوا شروط الأمن والسلامة في ورشات العمل.
نحن من جهتنا نضع أمن وسلامة وحياة كل العمال برأس سلم أولوياتنا ولن نألو أي جهد وسنطرق كل الأبواب وسنضع هذه القضية على جدول الاعمال بالكنيست والرأي العام كل يوم وليس حينما تسقط الضحية، لأن حياة عمالنا وسلامتهم هي أمانة في أعناقنا ولن نخون هذه الأمانة أبدًا.
المحامي أسامة السعدي
نائب في القائمة المشتركة ورئيس اللجنة البرلمانية الفرعية للأمان في العمل(سابقًا)