حكومة نتنياهو والقادم

كثيرة هي التحليلات والدراسات التي تحذر من حكومة نتنياهو - بن غفير اليمينة المتطرفة والتي تعلن بشكل واضح سياستها وأهدفها التي تسعى لتحقيقها على الأرض الواقع.

هذه الحكومة التي يقودها بنيامين نتنياهو والمدان بالارهاب المتطرف بن غفير وسموتريتش لا تختلف عن كل حكومات الاحتلال منذ قيام الكيان الغاصب. هذه الحكومات وضعت هدفًا عند اغتصابها لفلسطين ولكن لم تتمكن من تحقيق هدفها الأساس وهو طرد الفلسطينيين، إما بالقتل أو الطرد والاستيلاء على الأرض وبناء المستوطنات وغيرها من الاعتداءات والتي نفذت جزءًا منها ولم تتمكن من تنفيذها كاملة. ومثال ذلك، مجازر دير ياسين وكفر قاسم والطنطورة وغيرها عشرات المجازر التي ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني وكذلك تدمير ما يزيد عن خمسمائة من القرى الفلسطينية وتهجير أهلها منها. ورغم تلك الجرائم التي ارتكبها الاحتلال ضد الفلسطينيين إلا أن المشكلة باقية وتزداد. تلك الحكومات نفذت سياساتها بالخداع والتضليل للمجتمع الدولي بأساليب تخالف القانون الدولي بشكل واضح.

ولعل ما يميز حكومة التطرف اليوم هو وضوح سياستها التي تعلن عنها بكل وضوح وصراحة قولًا وعملًا، الأمر الذي لم يعد يخفى على أحد. وتؤكد على هذه السياسة العنصرية بكل وضوح دون عمل أي حساب لا للمجتمع الدولي ولا للقانون الدولي ولا حتى لبعض المجتمع الصهيوني الذي رفض هده السياسة ويعتبرها أول الطريق نحو تدمير الدولة.

ورغم كل التحذيرات التي صدرت من المجتمع الدولي والإقليمي، وحتى المجتمع الصهيوني، إلا أن هده الحكومة ماضية في سياستها دون عمل أي حساب لكل تلك التحذيرات ضاربة عرض الحائط بهذا كله وتصر على المضي بسياستها العنصرية التوراتية الكهنوتية.

ولعل ما قام به بن غفير قبل عدة أيام بعملية اقتحام للمسجد الأقصى هو البداية بغض النظر عن الطريقة التي اقتحم فيها الحرم القدسي وما أحاط به من جنود الاحتلال وحتى ما اتهمه البعض بلبس الدرع الواقي واعتبروا ذلك حالة من الرعب التي كان عليها بن غفير خلال عملية الاقتحام.

نظرة على المواقف المختلفة

ما يجري داخل الكيان بعد حكومة نتنياهو بن جفير يشير إلى أكثر مما يتحدث به الاعلام العبري. ما يجري على الارض يؤكد أن انتفاضة قادمة وكبيرة ومواجهة باتت أقرب بين الاحتلال والشعب الفلسطيني وعلى رأسه المقاومة في غزة وفي كل الساحات، القدس والضفة والثمانية وأربعين. هذه هي الصورة التي تتجمع وستظهر قريبًا للعيان، وخاصة في ظل تولي التطرف والعنصرية والارهاب قيادة الكيان. هذا على صعيد الشعب الفلسطيني. وعلى صعيد الإقليم، وخاصة دول التطبيع التي لا زالت تكابر ولكن الرأي العام داخل دول التطبيع يتحرك الآن وإن كان ببطء وسيتطور الحراك ويشتد ضد النظام الذي يتماهى مع الكيان وربما تشهد هذه الدول اضطرابات كبيرة سيكون لها أثر بالغ على النظام وعملية التطبيع. ولعل ما شاهدناه في مونديال قطر خير دليل. فعندما يتنفس المواطن قليلًا من الحرية تجده يفصح عن موقفه ورأيه بكل وضوح وصراحة، جماهير دول التطبيع تعيش في كبت إعلامي وسيطرة أمنية من أجهزة السلطة الحاكمة وهذا لن يطول.

على المستوى الدولي، هناك حراك إعلاميّ على الأقل ضد حكومة التطرف وهناك تهديدات قد تصل إلى حد وقف المعونات لهذا الكيان. ولكني على المستوى الشخصي لا أتوقع أن يتحرك المجتمع الدولي بالشكل المطلوب والأمر يتوقف على التحرك الفلسطيني وانتفاضته ومقاومته الشديدة للكيان. عندها قد يتحرك المجتمع الدولي وأساس تحركه هو حماية الكيان وليس نصرة الشعب الفلسطيني. وهذا على مستوى أمريكا والاتحاد الأوروبي، خصوصاً. وسيكون التحرك بسيطًا وشكليًا ولكن قد يتغير كما قلنا وهو يعتمد على مستوى تحرك الفلسطينيين.

أما بقية المجتمع الدولي فالاحتلال لا يعيره اهتمامًا كبيرًا، ولكن سيكون له تحرك وتأثيره سيكون ضعيفًا وكذلك أثره.

المجتمع الصهيوني بدأ يتحرك ضد سياسة نتنياهو وانصياعه لبن غفير ويرى في بن غفير تدميرًا لمشروعهم الاستيطاني، ولعل تظاهرة تل أبيب هي مؤشر على ما هو قادم. سياسة بن غفير ونتنياهو ستحدث انقسامًا بين أطراف المجتمع الصهيوني وهذا الانقسام قد يتطور بشكل أكبر ويشكل بداية لحرب أهلية داخل الكيان.

المطلوب منا نحن الفلسطينيين عدم الاستكانة والتسليم لهده الحكومة التي باتت واضحة في أهدافها وتؤكد على بشكل واضح فشل المشروع السياسي الذي تبناه محمود عباس في "اتفاق أوسلو" والذي لم يعد قائمًا لدى هذه الحكومة، بشكل واضح. وهذا يحتاج أن نكون أكثر تفهمًا وإدراكًا لما يسعى إليه الاحتلال وهذا يتطلب منا أولًا الوحدة وإنهاء الانقسام وبناء استراتيجية سياسية متفق عليها بين الكل الفلسطيني لمواجهة التطرف الصهيوني. هذا الاحتلال لا يفهم إلا لغة القوة والتي بات الفلسطيني أكثر تفهمًا لها ويعمل عليها وهذا الذي يجب أن تكون عليه استراتيجية الشعب الفلسطيني المتفق عليها - امتلاك القوة والعمل على مواجهة الاحتلال بها وبكل الأدوات الأخرى السياسية والمدنية، لأن كل ذلك قد يشكل رادعًا للكيان وقد يحقق ما يسعى الشعب الفلسطيني إلى تحقيقه.


* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن "فارءه معاي" او القيمين\ات عليها.

(استخدام الصورة بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال ملاحظات ل [email protected]).

مصطفى الصواف

كاتب ومحلل سياسي فلسطيني

شاركونا رأيكن.م