اجتهاد القضاء في رفعة مكانة النساء المحاكم الشرعية بين عِقدي الإصلاح والتجديد

مُدخل

لقد بلغ تعداد المسلمين في فلسطين الغربية وفقا لإحصاء دائرة الإحصاء المركزية 1,699,000 نسمة وهم يشكلون 18% من مجمل سكان الدولة. (دائرة الإحصاء المركزية، إعلان بمناسبة عيد الأضحى بتاريخ 15.7.2021). ويتميز هذا الجزء من الشعب الفلسطيني عن سائر المجموعات الدينية التي تعيش في محيط غير مسلم، بأنه هو صاحب البلاد الأصيل، فهؤلاء كانوا في البلاد قبل مجيء الدولة إليهم قهرا لا رضاءً. وعليه فإن كل ما يأتي من طرف الأغلبية اليهودية من أحكام وقوانين وأوامر إنما يبقى في دائرة الريبة والشك على اعتبار أنه دخيل عليهم ويشكل خطرا على كينونتهم الدينية والحضارية والقومية. ومع أن اسرائيل قد حرصت منذ البدء على تدمير البنية التحتية للمؤسسات العربية والإسلامية كغصب الوقف الاسلامي وهدم المساجد والاستيلاء على العديد منها وحرث المقابر وإلغاء مؤسسة المفتي الأكبر، فإنها لم تستطع إلغاء المحاكم الشرعية لكونها جزءًا من النظام القضائي الذي ورثته عن الدولة العثمانية ولا زال قائما حتى اليوم والذي بموجبه تخصص لكل طائفة معترف بها محكمة شرعية تقضي في أمور الاحوال الشخصية. (انظر، מנשה שאוה, הדין האישי בישראל, אוניברסיטת תל- אביב 1983).

والمحكمة الشرعية مؤسسة إسلامية تشكل مرجعية شرعية رسمية بصفتها هيئة تقوم على تطبيق أحكام الشرع، وهو ما يميزها عن سائر الأقليات الإسلامية في الغرب التي لا تملك مؤسسة قضائية إسلامية رسمية. وتأتي أهمية هذه المؤسسة في سياق الحكم الذي لا يبيح الاجتهاد في الشرع لغير المسلم – الأمر الذي يجعل المحكمة الشرعية الجهة الوحيدة التي بإمكانها أن تجتهد وفقا لأحكام الاجتهاد الشرعية، حيث إن من أهم شروط الاجتهاد أن يكون المجتهد مسلمًا. (انظر، الآمدي علي بن محمد، الإحكام في اصول الأحكام ج4 ص162 ,

“Muslim Sharia’ Courts Should be Left to it’s Own Creative Devices.” Conversation With Qadi Ahmad Natour 17 Justice 18 (1998).

هذا، وينبغي أن يكون التجديد محكوما بقواعده الشرعية ولا ينبثق إلا عن مصادر الشرع الحنيف – الكتاب والسنة والإجماع والقياس والاستحسان (عند الحنفية خاصة) والاستصلاح (عند المالكية خاصة) والاستصحاب (عند الشافعية خاصة والحنبلية) (عبد الكريم زيدان، الوجيز في اصول الفقه، مؤسسة الرسالة، 2004)، والسياسة الشرعية (انظر: أحمد بن تيمية، السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية، دار الإيمان، الإسكندرية (د.ت) ويوسف القرضاوي: السياسة الشرعية في ضوء نصوص الشريعة ومقاصدها، القاهرة، 1998).

كما أنه لا اجتهاد في مورد النص ولا يكون إلا إذا كان الحكم ظنيَّ الثبوت أو ظني الدلالة. وتجدر الإشارة هنا إلى أنه في سياق الحالة الإسلامية في فلسطين الغربية، إنما ينحصر الحديث في الاجتهاد الانتقائي لا الاجتهاد الإنشائي وهو الذي يكون باختيار الرأي الذي هو بالناس أرفق ولهم أوفق , من بين الآراء الفقهية القائمة مما كان أكثر توافقا والمصلحة التي تفي بتحقيق مقاصد الشرع. (القرضاوي: الاجتهاد المعاصر بين الانضباط والإفراط، ط3، بيروت، 1998، ص24). وأصل هذا التوجه هو أن الاسلام واحد وأن المذاهب إنما هي توجهات فكرية، فلا تعصب لمذهب دون مذهب وهذا بخلاف ما كان سائدا في الماضي حيث لم يكن للقاضي أن يقضي بخلاف مذهبه. (انظر: ابن عابدين محمد أمين؛ رد المحتار على الدر المختار، دار الفكر، ج5، 1979، ص407- 408). وخلاصته أنه يجوز في دائرة الانتقاء الخروج عن المذاهب (القرضاوي، هناك، ص 27).

مشروع التجديد والإصلاح

لقد كان مفهومنا لدور المحكمة الشرعية خاصةً في غياب السلطان , ولا زال، أنها يجب ألّا تكون صرحا للعدل والإنصاف فحسب أو أن تكتفي بإحقاق الحق وإقامة العدل ، بل عليها أن تعي أنها وكيل مُنَظّر وفاعل للتغيير الاجتماعي أيضاً – ويتعين عليها في هذا السياق أن تعمل على تغيير المفاهيم المتجذرة في اللاوعي كـ ""استملاك"" الزوج زوجته واعتبارها أحد أملاكه، وشرعية ضربها وتعنيفها وسيطرته واستبداده، وما إلى ذلك من مفاهيم خلفتها الأعراف رغم نبذها من قبل الإسلام؛ لذا فقد كان لا بد من الشروع بمشروع إصلاحي جذري شامل من خلال أدوات التجديد الشرعية المألوفة منها والمبتكرة.

لقد بدأت عملية الإصلاح في المحاكم الشرعية في منتصف التسعينيات من القرن الماضي (חטינה ואלעטאוונה (עורכים)، מוסלמים במדינת היהודים , הקיבוץ המאוחד , 2018 עמ' 193) . وحري بالإشارة إلى أن عملية التجديد هذه قد تركزت بالأساس على رفع مكانة المرأة وتعزيز حقوقها. وقد شق رئيس محكمة الاستئناف يومها طريق التجديد بمسارين ارتأى أنهما يكملان أحدهما الاخر: أولهما يتمثل بإصدار مراسيم قضائية تصدر عن رئيس محكمة الاستئناف الشرعية العليا بموافقة وتوقيع هيئة القضاة في البلاد - بحيث يختص كل مرسوم بتجديد الحكم أو مفهومه في مسألة ملحة مطروحة – وهذه آلية لم يسبقه اليها في العالم الإسلامي أحد من قبل عدا قاضي القضاة في السودان إبّان الانتداب، إلا أن هذا كان مخولا بذلك بموجب الدستور. والمسار الثاني هو جعل قرارات محكمة الاستئناف قرارات ملزمة لمحاكم الألوية – وهو ما يعرف بمبدأ السابقة القضائية. (قرار استئنافي 39/97 الكشاف عن قرارات الاستئناف 1997 أ ص 133-137). وقد صدرت مجموعة من المراسيم القضائية كان أولها منع الإفتاء بإزالة أو زوال حرمة المساجد المهجّرة والمقابر المندرسة (مرسوم رقم 1 بتاريخ 21.6.1994) ومرسوم إلغاء المخبرين في عملية تقدير النفقات (مرسوم رقم 2 بتاريخ 4.1.1995) ومرسوم الوصية الواجبة الذي منح الحفيد أو الحفيدة اللذَيْن يموت أحد والديهما قبل الجد حق ميراث جدهما؛ الأمر الذي لم يكن من قبل ( مرسوم رقم 3 بتاريخ 4.2.1996) وكذلك مرسوم منح المخطوبة التي تتضرر إثر عدول الرجل عن خطبتها تعسفًا حق التعويض ( مرسوم رقم 8 بتاريخ 4.2.2007) وإعطاء زوجة السجين الذي يُحكم بالسجن لأكثر من أربع سنوات ونصف وقد أدى منها في الحبس واحدة حق طلب التفريق (مرسوم رقم 6 بتاريخ 7.12.2007) . ولشديد العجب ومع أن معظم هذه المراسيم ما كانت إلا لنصرة المرأة، إلا أن إحدى الجمعيات النسوية قد تقدمت ضدها بالتماس إلى محكمة العدل الاسرائيلية طالبة إلغاءها وقد ردت الدولة على ذلك بأن المراسيم ليست ملزمة لتقدير القاضي. أما المحكمة الإسرائيلية فقد شطبت الالتماس. (التماس عليا رقم 3094/13).

التفريق بمبادرة الزوجة

لقد درجت المحاكم الشرعية على مدى عقود بتكليف من يطلب بعث الحكمين بالبينة الشرعية. ولما كانت غالب هذه الحالات تقدم من النساء فقد كان من العسير بمكان على المدعية أن تاتي ببينة شرعية كالشهود مثلا – خاصة وأن مقومات النزاع بين الزوجين غالبا ما تجري داخل بيت الزوجية، وكانت المرأة في العادة هي المتضررة من رد دعواها. (انظر

Reiter Y, Judge Reform: Facilitating Divorce by Sharia’ Courts in Israel, Journal of Islamic Culture Vol.11 No. 1 March 2009 ,13 37 Routledge.)

إزاء هذه الحال جاء قرار محكمة الاستئناف91 /19 ليحدث انقلابا _في مكانة المرأة – خاصة وأن إمكانية طلب التفريق بمبادرة المرأة قد جاءت مقابل حق الرجل بالتطليق من جانب واحد. لقد قرر القرار المذكور استبدال البينة الشرعية عصية المنال بـ ""طمأنينة القاضي"" – أي إنه لا حاجة للإتيان ببينة بعد اليوم بل يكفي أن يطمئن القاضي الى أن أمامه حالة من النزاع والشقاق بمجرد توفر مقوماته.

نتيجة لذلك ارتفعت نسبة إقرار الدعاوى المقدمة من النساء لطلب التحكيم وللتخلص من زواج فاشل بشكل دراماتيكي. (رايتر – هناك). مبدأ آخر قررته محكمة الاستئناف في هذا السياق بخلاف ما كان متبعا في الماضي هو أن للقاضي أن يعيد للزوجة كامل مهرها، حتى لو حرمها الحكمان منه وذلك في حالين: إن كان الحكمان قد حرماها منه أو من بعضه دون تبيان ما يشكل سببا شرعيا لانتقاص المهر؛ لأن الاصل أن المهر دين لها في ذمة الزوج ولا يسقط أو يُنتقص إلا بالأداء أو الصلح أو بسبب مشروع. أما الحالة الثانية فهي انتقاصهم مهرَها لاعتبارها مذنبة وهي ليست كذلك – كأن يقولا إنها هي التي رفضت المصالحة. قالت المحكمة إن من يرفض المصالحة لا يكون بالضرورة مذنبا – أرأيت إن كان الزوج ظالما فاسقا فاجرا أتُلام الزوجة إن هي رفضت العودة إليه؟! (قرار استئنافي 265/98). من ناحية أخرى وبخلاف ما كان متبعا في الماضي فقد تقرر أن مطالبة المرأة بحقوقها المشروعة أمام القضاء كالنفقة مثلا لا يجوز استخدامه ضدها كأحد مقومات النزاع والشقاق (قرار 111/2000). ومثله مجرد اتهامه لها بالخيانة (19/96).

أما من حيث أحكام الطلاق فقد ذهبت المحكمة مذهبا إصلاحيا - لحماية المرأة وأولادها يوم عزفت عما كان متبعا لعقود من الزمن باعتبار طلاق الثلاث في مجلس واحد طلقة رجعية واحدة لا تزول بها الزوجية وإنما له أن يرجعها في عدتها قولا أو فعلا. هذا مع العلم أن المحاكم الشرعية في الماضي كانت تأخذ برأي الحنفية باعتبار هذا الطلاق بائنا بينونة كبرى لا تحل له من بعدُ حتى تنكح زوجا غيره. (قرارات استئنافية 124/97، 97/140).

يضاف إلى ذلك أن المرسوم القضائي بشأن زوجة السجين (غير السياسي) قد منح للزوجة التي لا تستطيع الانتظار سنين طويلة على غياب زوجها الحق بطلب التفريق إذا توفرت الشروط المفصلة بالمرسوم المذكور. وجدير بالذكر أن قانون حقوق العائلة العثماني - وهو القانون الموضوعي الملزم للمحاكم الشرعية لا يذكر حبس الزوج كعلة لطلب الزوجة المتضررة التفريق. (مرسوم قضائي رقم 6 هناك).

في النفقة

أما في النفقة فقد وسعت المحكمة دائرة دفوع الزوجة بأنها محتبسة حُكما حين جعلت العنف الأسري على أشكاله أحد مقومات الأعذار الواردة للخروج المشروع وذلك بخلاف المفهوم التقليدي للمادة 171 من كتاب الأحكام الشرعية في الأحوال الشخصية لمحمد قدري باشا (لدى مثقال ناطور، المرعي في القانون الشرعي، القدس الشريف، 1996). كما قررت المحكمة أن رفض الزوجة المقيمة معاشرة زوجها لا يجعلها ناشزا غير مستحقة للنفقة لأن النفقة ليست مقابل البَضع – المعاشرة الزوجية وإنما لقاء الاحتباس. (قرار 261/99)، وكذلك إقرارها بقيام النزاع والشقاق (12/2000). ووهبتها الحق بالاستئذان بالاستدانة على حساب أب الصغير واستئجار مسكن لهما في حال عدم توفير مسكن للولد المحضون. إصلاح آخر قررته محكمة الاستئناف هو اعتبار نفقة الولد من يوم تقديم الدعوى وليس من يوم صدور القرار كما كان متبعا عقودا من الزمن حيث كانت الأم تتحمل نفقة الأولاد بما فيها أجرة مسكنهم في الفترة ما بين تقديم الدعوى وصدور الحكم وهو كما ترى جور وظلم لها. (قرار استئنافي 104/97). ناهيك عن أن المحكمة قد استبدلت الحكم القديم بشأن شرط استحقاق الصغير للنفقة بأنه لم يبلغ حد الكسب بمعيار البلوغ، بمعنى أن الأب حتى لو أقام البينة على أن ولده القاصر يعمل ويكسب فإن المحكمة ترى في ذلك دليلا على تقصير الأب في الإنفاق على ولده الصغير استنادا الى الافتراض بأن الولد ما كان ليخرج إلى العمل في هذه السن إلا لأن أباه قد قصّر في إعالته؛ لذا فإن المحكمة تعتبر الولد الذي يعمل فعلا أنه لا يعمل حُكما. إن استراتيجية المحكمة في هذا الفهم لمقاصد الحكم الشرعي هو أن الولد في هذه السن ينبغي أن يكون في المدرسة لا في الأسواق والمطاعم وورشات تصليح السيارات؛ لأن المأمول هو خلق مجتمع متعلم مثقف، ومن هنا فقد وسعت المحكمة دائرة استحقاق الولد للنفقة على أبيه أيضا حتى بعد بلوغه إن كان في المرحلة الجامعية. (قرار157/2004).

أما الثورة الحاسمة التي جرت في منتصف التسعينيات فهي التخلص من مؤسسة الإخبار التي استحوذت على عملية تقدير النفقات عشرات السنين ولا زالت مهيمنة عليها في العديد من البلاد العربية وهي نهج يرتكز إلى ما يسمى عند الحنفية بشهود الاستكشاف. ومع أن هؤلاء ""الشهود"" لم تتوفر فيهم شروط الشهادة كالعدل والصلاح والمعاينة فقد أجازت الحنفية الاستعانة بهم في حال طلب الزوجة نفقة اليسار ولم يكن لها بينة عليه وطلبت من القاضي السؤال عن زوجها، عندها يسال القاضي الناس عنه. إلا أن هذا النهج قد جعل المخبرين – وهم أناس لا يدري أحد عن مؤهلاتهم أو ثقافتهم أو عدلهم شيئا، هم الذين يقررون مبلغ النفقة وليس القاضي ثم تغوّل هذا النهج ليشمل كل أنواع النفقات حتى أصبح عدم استخدام المخبرين في عملية تقدير النفقة سببا كافيا لفسخ قرار القاضي. من هنا فقد جاء المرسوم القضائي رقم 2 (مرسوم رقم 2 بشأن إلغاء المخبرين، هناك)؛ ليلغي مؤسسة المخبرين إلى غير رجعة ويلقي بمهمة تقدير النفقة على القاضي وحده - ليقضي وفقا للمعطيات الموضوعية التي تُطرح أمامه. لقد أحدث هذا المرسوم الموجه إلى المحاكم كافة مع ندائه بلزوم فرض نفقات حقيقية حفظا لكرامة النساء، تغييرا جذريا في تقدير النفقات حتى أصبحت المحكمة الشرعية ترتقي سلم المحاكم في البلاد كافة في تقدير النفقات. (أنظر صحيفة معاريف، الملحق، 4.12.2006).

في الحضانة

تجدر الإشارة هنا إلى أن محكمة الاستئناف قد كلفت مندوبها إلى لجنة شنيت التي بحثت إلغاء فرضية السن المبكرة (חזקת הגיל הרך) بمعارضة هذا التوجه لأنها تتمسك بصحة قول الفقهاء إن الأم النسبية أحق الناس جميعا بحضانة الولد ما دام لم يستغنِ عن خدمة النساء وذلك حفظا له ولمصلحته. كما أن المحكمة قد ذهبت مذهبا إبداعيا حين عارضت قول الحنفية حول أن الأم التي تتزوج أجنبيا للصغير تفقد حقها في حضانة ولدها تلقائيا وقالت إن هذا القول ليس مطلقا، بل هو أصلٌ يُفترض قيامه طالما لم يقم الدليل على خلافه. أي أن للأم إقامة البينة على أن مصلحة الولد تتوفر لديها حتى بعد زواجها من أجنبي للصغير لأنها تكون كمن يدعي خلاف الاصل. وحري بالذكر أن هذا الفهم ياتي استنادا إلى مفهوم جديد للحديث الشريف ""أنتِ أحق به ما لم تُنكحي"". فبخلاف المفهوم التقليدي للحديث الذي يفيد بأنها إذا نُكحت سقط حقها كله فقد قالت المحكمة إن معنى الحديث هو أنها إذا نُكحت فقد سقطت الأفضلية وليس الحق نفسه – أي إنها لم تعد ""أحق"" وإنما تبقي ذات حق.

أما الإبداع المفصلي في باب الحضانة فهو ما قررته المحكمة بجعل مصلحة الولد هو الاعتبار الاساس وبتوسيع حق الرؤية ليصبح ""استضافة"" بموجبها اتسعت أوقات مكوث الولد مع الوالد غير الحاضن. لقد استند هذا التوجه إلى أن ""الرؤية"" التي كانت تتم عادة لدى مكاتب الشؤون الاجتماعية ساعة أو ساعتين، وفي ظروف رسمية مكبلة للصغير وللوالدين على السواء، إنما تؤتي ضررا للصغير أكثر مما تنفعه. إن مفهوم المحكمة للقاء الولد مع والده غير الحاضن هي تجربة - Experience إنسانية عميقة ينبغي أن تشكل إطارا لإنماء التجمع بينهما. - Socialization

(قرار 166/99 -) وكلما زاد اتساعها وعمقها فإن من شأنها أن تقرّب الولد إلى البيئة التي كان يألفها قبل أن أطارت عواصف الفرقة وانهيار الأسرة؛ السقف الذي كان يحميه – ذاك المتمثل بالإطار الاسري الدافئ. وعليه فقد صارت الحضانة المشتركة – في الأحوال التي تتوفر معها مصلحة الولد، السبيل الأنجع في أحكام الحضانة.

يضاف إلى ذلك أن المحكمة قد حذرت من الفصل بين الأولاد بحيث يكون قسم عند والد والقسم الآخر عند الوالد الآخر.

هذا، وطبيعي أننا لسنا قادرين في هذه العجالة على الإحاطة بالمزيد من الأعمال الإصلاحية لمحكمة الاستئناف في تلك الفترة في سبيل احقاق الحق بما في ذلك إعلاء مكانة المرأة وتعزيز حقوقها، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، المطالبة برفع سن الزواج للفتيات – حتى قبل تعديل قانون سن الزواج، فإنه لا زال مما يتطلب التجديد المستند إلى أحكام الشرع الحنيف الكثير من المسائل، وذلك لتعزيز دور المحكمة الشرعية في إقامة العدل بين الناس أولا ومن أجل تشكيل سد منيع أمام المشرع اليهودي المتمادي في التدخل في شؤون الأسرة المسلمة.

بروفيسور أحمد ناطور

عضو الهيئة التدريسية في كلية الحقوق في الجامعة العبرية ورئيس محكمة الاستئناف الشرعية سابقا

شاركونا رأيكن.م