عوامل مؤثرة على قرار الطلاق في الأسرة الفلسطينية في إسرائيل: قراءة في المسببات والتحديات من تحليل حالات عيادية

الزواج كقيمة اجتماعية ونفسية

يؤمن المجتمع الفلسطيني، كما في كافة العالم العربي، أن الأسرة هي اللبنة الأساسية للمجتمع وأن الزواج هو الأداة الشرعية الوحيدة لبناء الأسرة. كما ويعتبر الزواج من الأدوات الفاحصة لمراحل التطور الشخصي السليم للفرد ولنجاح أسرته في مستوى تربيتها الاجتماعية ودعمها المادي. فيتم النظر للبالغين غير المتزوجين على أنهم يحتاجون لتعديل عاطفي أو سلوكي أو إجتماعي.

على الرغم من التغييرات الجمة التي حصلت في السنوات الخمسين الأخيرة على مستوى حياة الأفراد، إلا أنه لم تحدث بها تغييرات بنيوية على الموقف من الزواج وإدارته وعلاقته مع الأسر الموسعة ومع المجتمع. فما زال التوقّع هو أن يقود الزوج الزواج، وأن يكون السكن وفق ما يناسبه، وأن يتم توزيع الموارد على أنواعها - بما فيها العاطفية وحتى وقت الفراغ - بحسب حاجات أسرة الزوج وطلباتها وأن تنجب المرأة متى يناسب الحاجات العاطفية للآخرين المركزيين Significant Others)) في حياتها وعدد الأولاد الذي يشيرون إليه، بغض النظر عن حاجاتها العاطفية أو قراراتها الأخرى. يشير هذا المشهد إلى وضع مأزوم.

سن الزواج

يؤثر سن الزواج وفارق السن بين الزوجين على طبيعة تطور العلاقة الزوجية. هناك هامشان لسن الزواج لكل منهما تأثيره على الإشكاليات في العلاقات الزوجية:

أ. الزواج ""المبكر"".

ب. الزواج ""المتأخر"".

أ‌. الزواج المبكر

في حين كان ""متوسط سن الزواج"" (median)في إسرائيل سنة 1970 هو 19.4 سنة للمسلمين، ارتفع إلى 23.0 سنة في سنة 2020. يعني هذا أن نصف عدد فئة اليافعين والشبان الصغار قد تزوجت قبل وصولها لهذا السن. عند الأخذ بعين الاعتبار أن معدل فارق السن بين النساء والرجال المتزوجين العرب هو 4-6.5 سنة، فبالإمكان معاينة ظاهرة الزواج المبكر خاصة للإناث حتى الوقت الراهن. من الجدير بالذكر أن فارق السن الذي يصل أحيانا إلى خمس عشرة سنة لصالح الزوج هو مقبول مجتمعيا، طالما أن المعطيات الشخصية الأخرى تشير إلى إحتمالات نجاح هذا الزواج. يشير هذا إلى عدم التعامل مع النضج النفسي أو العاطفي كعناصر هامة للجهوزية للزواج أو للكفاءة الزوجية بين الزوجين.

يحدث التعارف بين الشابة والشاب عندما يكون أحدهما أو كلاهما في المراحل النهائية للتعليم الثانوي أو فورا بعده، حيث يكون الفرد في أوج التعرف للمرة الأولى على أفكاره/ا، عواطفه/ا، ميوله/ا وحاجاته/ا. ولأن الأسرة العربية (في الديانات الثلاثة) ما زالت تعيش في ثقافة تدمج بها بين قيم من الماضي وأنماط حياة من الحاضر، فإنها عندما تعرف عن العلاقة غالبا ما تشجّع تشريعها بوساطة الخطوبة الرسمية، والتي يتم بها إعلان التزام الشاب وأسرته بالتعهد بالزواج أمام الفتاة وأسرتها. وهكذا يتم اتخاذ أحد أهم القرارات والتي ستؤثر على باقي مجريات الحياة بدون امتلاك الأدوات الناضجة لها أو إدراك أبعاد هذا القرار.

نلاحظ هنا الدور المباشر لأولياء الأمر (جيل الآباء) في المحافظة على ظاهرة الزواج المبكر لدى المراهقين والمراهقات. ولاحقا يتابعون إدارة زواج أولادهم وبناتهم تحت مسمى ""إرشاد، دعم، تطفئة حرائق، إنقاذ زواج"" بسبب غياب النضج الشخصي والعاطفي والاجتماعي والمادي للشابات والشبان (جيل الأبناء). يعتبر هذا السُّلوك سلوكًا غير واع من جيل الآباء (المجتمع) يعيد به إنشاء ظاهرة الزواج المبكر حتى يحافظ على سيطرته – المهددة – على جيل الأبناء. ونلخص بأن الحث على الزواج يتحول لأداة سيطرة على الأزواج الشابة.

تشير قصص أسباب الزواج المبكر إلى أن الشابات والشباب المراهقين - عديمي التجارب السابقة - يفرحون غالبا بقرار الزواج المبكر، سواء صدر عنهم أو عن والديهم ويبررونه بأن علاقتهما الغرامية ""صادقة وواضحة"" وأن القرار السريع في الانتقال من التعارف للالتزام الزوجي هو بفضل ""الكيمياء الجيدة بينهما كحبيبين"" وأنها ""لا شك تُنْبِئ بزواج سيكون ناجحا"". تبدأ فور الخطوبة التحضيرات لشعائر الزواج ولإقامة بيت الزوجية. تغطي الضغوطات الحاصلة في هذه الفترة، سواء بسبب الآراء المختلفة بين الشريكين أو بين أسرتيهما على فحص مدى الملاءمة الفعلية للشريكين للزواج. ترفض كل الجهات المتداخلة في التحضير للزواج فحص ماهية العلاقة ويرون في تجميدها أو احتمال فسخ الخطوبة على أنها فشل للشابين وأهليهما ووصمة عار على الجميع. وهكذا لا تُمنح فترة التعارف والخطوبة الهدف الأصلي منها بل تتحول لسباق في تطفئة الحرائق المشتعلة نتيجة عدم التكافؤ في العلاقة ويتم غالبا تسريع الزواج، مفترضين خطأ، بأن الزواج نفسه به دواء للمشاكل الحاصلة في العلاقة بين الشريكين الشابين.

تعتبر مرحلة ما بعد المدرسة الثانوية لدى الكثيرات والكثيرين مرحلة بناء الذات دراسيا، ومهنيا، واجتماعيا وماديا. تؤثر عوامل عدة على نجاح الفرد في بناء الذات، منها: القدرات المولودة (الشخصية، النفسية، العاطفية)، ونزعة المثابرة، ودعم الوالدين والبيئة وفرص السوق. تساهم البنود أعلاه في تطور أحد الشركاء في مجالات يختارها بينما يتأخر الآخر وفق ما كان قد خطط/ت له سابقا ويصبح هذا سببا في لوم العلاقة الزوجية بهذا الحراك. تتغير أثناء بناء الذات مشاعر المراهقين وتتغير معها مواقفهم وحكمهم على الأمور، بما فيها تقييم الزواج وشريك/ة الحياة بعد الإنتقال للتفاصيل اليومية في الحياة الزوجية المشتركة. عندما يتقدم أحد الزوجين في تحقيق الذات بينما يبقى الآخر يراوح مكانه تبدأ الخلافات الزوجية المتكتم عليها والمؤجلة في الغليان ثم تنفجر.

الوالدية المبكرة

الإشكالية الإضافية التي تؤثر على بناء الزوجية السليمة هي الإنجاب الفوري والانتقال من العزوبية للوالدية بدون المرور بمرحلة تطوير وتثبيت للعلاقة الزوجية. يحصل الحمل الفوري بسبب عدم استعمال وسائل منع الحمل فور الزواج مما يؤدي في معظم الزواجات لإنجاب الطفل الأول خلال السنة الأولى من الزواج. غالبا، خلال السنوات الثلاث الأولى للزواج، يكون معظم الأزواج الشابة قد أنجبوا طفلين أو ثلاثة. يؤدي هذا إلى انشغال الزوجة الحامل بصحتها البدنية ثم برعاية الطفل. وبسبب افتقار الشابين للنضج العاطفي والنفسي، تغيب عنهما أدوات الدعم المتبادل وفي الوقت نفسه، تغيب أدوات التأقلم مع تطوير الذات في أهم ""مراحل الانتقال"" (transition phase) الأساسية هذه في حياتهما. وغالبا ما يحصل لوم متبادل حول ""شعور الإهمال"" مما يجعل الفترة ضاغطة وتطور الضغينة بين الشريكين بدل أن تكون فترة فرحة للتكوين والبناء. في النتيجة، يختار معظم الأزواج والزوجات الأنماط القديمة التي كانت تدعمهما في أوقات الضغط، وغالبا ما تكون في اللجوء للأصدقاء أو لأسرة المنشأ. فنرى الزوج يقضي معظم وقته مع أصدقائه من فترة العزوبية أو مع أقاربه والزوجة كذلك - إذا سمحت لها ظروف سكنها بهذا - أو أنها تشعر بالإهمال، والإقصاء والوحدة.

عند ولادة الأطفال، لا يدعم الأهل فكرة منح الزوجين الشابين الفرصة لتعلم دور الوالدية معا وإنما تحل إحدى الجهات أو كلاهما للعناية بالأطفال ويأخذون دور المرشد الموجه للوالدة الشابة وغالبا ما يساهم هذا في تحرير الوالد الشاب من مسؤولياته الجديدة وإقصائه عن دوره كزوج داعم ووالد مشارك. في هذا سلوك إضافي من جيل الآباء (المجتمع) غالبا هو أيضا غير واع، يساهم في تكريس الذكورية وتوزيع الأدوار الجندرية في جيل الأبناء، مما يبقي مكانا ومكانة للتأثير وإدارة الأمور والسيطرة المجتمعية في يد جيل الآباء.

تراكم المشاكل الزوجية والأدوات المستخدمة لتصحيحها

عندما تمر بضع سنوات على الأزواج الشابة، ويكتشفون أنهم في الأساس يمارسون الوالدية والعلاقة مع الأسر الموسعة ويعانون ضغوطات الحياة اليومية الكثيفة التي لا تترك لهم الوقت الكاف لتطوير علاقة زوجية هادئة وهانئة يبدأ الشك في قرار الزوجية يعشش في أفكار الزوجات والأزواج ويبدأ النظر للزواج المبكر على أنه كان خطأ فادحا في حق الذات ويبدأ أحدهما ينظر للآخر على أنه عنوان للضغط وسبب في المشكلة بدلا من النظر له على أنه مصدر السعادة وسبب لها.

وبسبب غياب النضج العاطفي والنفسي والافتقار لأدوات سليمة لمواجهة الضغوطات، وبسبب اضطرابات نفسية غير معالجة في بعض الأحيان، ينزع الأفراد لسلوكيات تتحول لمشاكل مستفحلة وأليمة منها: (أ) العنف (البدني، الكلامي، العاطفي، النفسي، الجنسي، المادي) الذي يتسبب في فقدان المعنّف شعور الأمن والأمان والثقة داخل العلاقة الزوجية، (ب) الخيانة - ويعتبر كل تواصل عاطفي مع جهة ثالثة خارج إطار العلاقة الزوجية خيانة زوجية حتى لو لم يلتق الطرفان وجاهيا أبدا. تسهّل وسائل التواصل الاجتماعي سلوك الخيانة ولكنها ليست سببا له.

غالبا ما يكون أهل الزوجين – أو على الأقل أفراد من كل جهة – على اطّلاع على طبيعة تطور العلاقة الشائكة بين الزوجة والزوج. وعند شكوى أحدهما لهذه الجهات يتم ""النصح"" والذي هو عبارة عن مجموعة اقتراحات تناسب المُقترِح ولكنها لا تناسب طبيعة الإشكاليات الزوجية أو شخصيات الزوجين. بالتالي يؤدي تبني النصائح إلى إساءات إضافية للزواج. بعد فترة، وبعد تكرار الشكاوى، وبعد تشجيع بعض جهات من الأقارب على الطلاق، يتحمس أحد الزوجين على اتخاذ القرار وتنفيذه نهائيا.

عندما يميل الزوج المسلم للطلاق ينطق به كخطوة غاضبة أو رادعة للزوجة فتصبح الزوجة طالقة دينيا. عندما يحصل هذا، يتوجه الزوجان لشخصية دينية لديها الكفاءة لتفتي بالطريقة التي تمكنهما من متابعة الحياة الزوجية بدون حاجة لتسجيل الطلاق أو تسجيل عقد زواج جديد. غالبا لا يعلم الأقارب بهذه المحنة، ولكنها تترك شرخا وأثرا صادما مستقبلا في العلاقة الزوجية، لإدراك الزوجين هشاشة الزواج الذي بنياه سويا.

عند وجود تراكمات لعلاقة عنيفة و/أو خيانة تحاول الزوجات إصلاح الزواج بمنح الزوج فرصا للتغيير وفق قائمة طلبات أو شروط. تنجح هذه المساعي لفترات ولكن، بسبب عدم معالجة الأسباب الرئيسية للخلافات، تعود المشاكل إلى حدتها السابقة أو تستفحل أو يتم إيذاء الزوجة وتعريضها لما لا تطيقه فتقتنع بغياب أمل التصحيح فتسعى للطلاق وعندها تصر على تحقيقه.

تساهم العوامل التالية في اتخاذ قرار الطلاق:

  • محاولات إصلاح سابقة عديدة، غضت بها الزوجة عن إساءات، ولكن باءت كلها بالفشل.

  • كثافة العنف الحاصل في الزواج والوالدية وأنواعه.

  • تبني الزوج سلوكيات مسيئة نفسيا وعاطفيا وماديا - ومرفوضة دينيا، مثل الإدمان، والقمار والخيانة.

  • الوضع المالي للزوج وقدرة الزوجة على إعالة ذاتها وأولادها.

  • عدد الأولاد في الأسرة وأعمارهم.

  • مدى دعم عائلة الزوجة لها، عاطفيا، ونفسيا، وماديا واجتماعيا.

تعي النساء المطلقات وليات أمر أطفال قاصرين، أن الطلاق في سن مبكرة، من الممكن أن يبقيهن عزباوات لباقي حياتهن؛ لذا يحاولن إصلاح الزواج الشائك قدر استطاعتهن قبل الطلاق – ولكن هذا في حد ذاته يتم تفسيره من قبل الأزواج المضطربين نفسيا أو عاطفيا على تقبل سلوكهم وأن الخطأ في المعاملة يقع على الزوجة التي ""تثور أعصابها بين فترة وأخرى"" ثم ""تروق"". المفارقة هي أن الزوج نفسه المسيء يتزوج مرة أخرى بعد الطلاق، بمساعدة أهله وأهل المرأة الجديدة التي يريد أن يتزوجها، بدون أن يشرط الزواج بعلاج نفسي، أو عاطفي أو سلوكي. عند ظهور مرض نفسي لدى الزوجة يعاني منه الزوج ومن حوله، تساهم أسرة الزوجة في علاجها. عندما لا ينجح العلاج يتم الطلاق سريعا بهدف منع معاناة الزوج من هذا ""الخلل في الزواج"". بالمقابل، لا يتوجه الأزواج المسيؤون فورا لعلاج إدماناتهم أو عنفهم أو إهمالهم الوالدي أو خياناتهم وغالبا ما يبدأون العلاج تحت تهديد الزوجة بالطلاق وكمحاولة أخيرة لإنقاذ الزواج.

ب‌. الزواج ""المتأخر"

يتم وصف المرأة العربية التي لم تتزوج وهي في العشرينات على أنها ""عانس"" ويوصف زواجها ما بعد سن الثلاثين على أنه ""زواج متأخر"". لا يوجد وصف مواز لتأخير الرجل في الزواج.

تتغير ديناميكية اختيار شريك الزواج قبل الثلاثين وبعدها. في حين أن شروط الزواج قبل الثلاثين تراعي أن يكون الزوج ""أعلى"" من الزوجة من حيث السن، الثقافة، الدرجات الأكاديمية، المكانة الاجتماعية، مستوى الدخل وصفات شخصية أخرى، يتوقع المجتمع أن توافق الزوجة فوق سن الثلاثين على أن تكون مواصفات الزوج ""أدنى"" منها في المتغيرات أعلاه، كلها أو في جزء منها. يترك هذا الزوجة أمام وضع زوجي هي غير مقتنعة به منذ البداية، ولكنها وافقت عليه لظروف مجتمعية أو عاطفية. عند ظهور إشكاليات زوجية عنيفة في هذه الزواجات، تكون هذه الفئة (المرحلة العمرية 29-34 سنة) هي الأسرع لطلب الطلاق (في السنوات الثلاث الأولى للزواج) حيث إنها لا تمنح الزواج السيء فرصا ومحاولات إصلاح كثيرة كما وأنها لا تسمح لجيل الآباء بإدارة هذا الزواج. لا تخشى النساء في هذه الفئة العمرية أن تكون ولية أمر عزباء غالبا بسبب استقلالها المادي.

ملاحظات حول قراءة معطيات في موضوع الطلاق

1. هل يتم تسجيل كل طلاق فعلي؟

أ تعاني كثير من الأسر مما يسمى ""الطلاق العاطفي"" حيث يعيش الزوجان تحت سقف واحد (وأحيانا لا يجمعهما هذا السقف) ولكنهما لا يتعاملان مع بعضيهما على أنهما زوجان. من هنا، لا تعكس نسبة الطلاق المسجلة في الإحصائيات الرسمية نسبة الطلاق العاطفي الفعلي القائمة بين الأزواج العرب.

ب هناك فئة ممن خطبوا وعقدوا عقد زواج (من بين المسلمين والدروز) ولكنهم تطلقوا قبل أن ينتقلوا للعيش تحت سقف واحد وتم تسجيلهم على أنهم مطلقون ولكنهم لم يكونوا متزوجين فعلا.

ج كما ذكر سابقا، هناك طلاق يحصل بالفعل ثم يتراجع المطلقان، ولا يتم تسجيل هذا الطلاق.

د يمتنع الزوجان عن الطلاق الرسمي للأسباب التالية:

1. يمنع الطلاق المطلقين الدروز من إدارة الشراكة الوالدية مباشرة، بسبب المنع الديني للتواصل بينهما كمطلقين، فيفضلون متابعة الزواج السيء على الوالدية السيئة.

2. يؤجل الأزواج المسيحيين هذه الخطوة أو يمتنعون عنها بسبب صعوبات تضعها الكنيسة أمام العازمين على الطلاق.

3. الخوف من ردود الفعل المجتمعية، ومنها التدخل في الخصوصيات أو إساءة السمعة، سواء على المطلقين أو على أولادهم.

4. الخوف من تدني المستوى المادي نتيجة فصل الأملاك بعد الطلاق، خاصة لدى النساء والأولاد تحت رعايتهن.

5. عدم تبرّم أحد الأطراف أو كليهما من مدى سوء الوضع الراهن.

يؤدي الطلاق العاطفي للشعور بالوحدة والاكتئاب ولضغوطات نفسية متعددة، إضافة إلى أنه يشوّه صورة الحياة الزوجية في نظر الأبناء.

2. قراءة الإحصائيات حول الطلاق لدى المسلمين

وفق العرف، يتم تسجيل عقد الزواج في المنطقة التي تسكنها العروس بينما يتم تقديم طلب طلاق في المنطقة التي يسكنها الزوجان، وهي غالبا المنطقة التي سكنها الزوج قبل الزواج. من هنا، من الممكن أن يتم تسجيل الزواج في محكمة شرعية معينة وتسجيل الطلاق في محكمة شرعية أخرى. عند إجراء مقارنات بين عدد المتزوجين الجدد في محكمة شرعية معينة وعدد المتطلقين فيها في السنة نفسها، لا يعكس هذا الصورة الصحيحة للمقاربة بين حالات الزواج وحالات الطلاق. ونقطة هامة أخرى يجب الانتباه لها هي أن عدد سنوات زواج المقدمين على الطلاق تتراوح بين 1-40 سنة وعند قرار الطلاق لا يمكن قياس نسبتهم مع نسبة من تزوجوا في السنة ذاتها.

يتعلم المجتمع من إحصائيات الزواج والطلاق سنويا إذا ما تم تسجيل معطيات على مستوى جميع المحاكم الدينية في البلاد حول نسبة المتزوجين من كل فئة عمرية مقارنة مع نسبة العزاب داخل الفئة نفسها (مثلا 15% من الإناث من الفئة العمرية 17-18 سنة) ثم تسجيل نسبة المطلقين من بين المتزوجين في عدد سنوات الزواج نفسها (مثلا 10% من بين مجموع المتزوجين لفترة 5 سنوات). هكذا نحصل على صورة حقيقية للإقدام على الزواج أو الطلاق ولظاهرة ارتفاع أو انحسار كل منهما سنة بعد الأخرى.

خلاصة

يعتبر النضج العاطفي والنفسي من متطلبات نجاح الزواج. يبدو أن تدخلات أسر المنشأ تمنع هذا غالبا وهي لا تعي مدى الضرر الحاصل للأفراد وللزواج.

يستفيد المقبلين على الزواج من الاشتراك في دورات تخصصية للتحضير للزواج أو التحضير للوالدية أو لعلاج المشاكل الزوجية أو للتحضير لوالدية مشتركة ما قبل الطلاق وذلك حتى يتم رفع مستوى أداء الفرد في هذه الأدوار الجديدة عليه ورفع مستوى الدعم النفسي والعاطفي الممنوح له ومن خلاله لمن هم تحت رعايته. يضمن هذا العناية بالصحة النفسية على مستوى الأفراد والأسرة والمجتمع ويتسبب في تراجع حالات العنف والطلاق.

كاتبة المقال: أ.د. خولة أبوبكر وهي معالجة زوجية وأسرية مؤهلة، ومرشدة للمعالجين مؤهلة، ومحاضرة وباحثة ومؤسسة ورئيسة جمعية ""العلاج الزوجي والأسري للمعالجين الفلسطينيين في إسرائيل""."

أ.د. خولة أبوبكر

محاضرة وباحثة أكاديمية، معالجة زوجية وأسرية مؤهلة ومرشدة معالجين مؤهلة

شاركونا رأيكن.م